استضافت العاصمة السعودية الرياض الاجتماع الوزاري المشترك للشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، لبحث آخر المستجدات في غزة ومدينة رفح، وأهمية الإيقاف الفوري لإطلاق النار، وضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية.

كما بحث الاجتماع، الذي عقد أمس، ومثّل الكويت فيه وزير الخارجية عبدالله اليحيا، تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز وتطوير التعاون بين دول مجلس التعاون، والولايات المتحدة بمختلف المجالات.

Ad

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال كلمة بالاجتماع، إن واشنطن تدعم «الوصول إلى هدنة في غزة، وإطلاق سراح المحتجَزين» الإسرائيليين بالقطاع الفلسطيني، مضيفاً أن «إدارة الرئيس جو بايدن أولت اهتماماً كبيراً بإدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وهناك تقدم في هذا الشأن».

وأضاف أن الولايات المتحدة رصدت «تقدماً ملموساً» بشأن الوضع الإنساني في غزة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكنه حثّ إسرائيل على بذل مزيد من الجهد.

ورأى بلينكن أنّ «الطريقة الأكثر فعالية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، وتخفيف المعاناة، وخلق مساحة لحل أكثر عدلاً واستدامة، هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإعادة الرهائن» الإسرائيليين إلى ديارهم.

وأوضح أنه يأمل أن توافق «حماس» على عرض الهدنة الأخير، ووصفه بأنه «سخي جداً»، وهي نفس العبارة التي استخدمها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، موضحاً أن الحديث يدور عن هدنة لمدة 40 يوما وإفراج إسرائيل عن آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق «حماس» سراح الرهائن في غزة. وأضاف أن واشنطن تُواصل جهودها لمنع اتساع نطاق الحرب إقليمياً. وأبلغ بلينكن دول الخليج أنه سيضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية، وزيادة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وتابع بلينكن: «نعمل مع شركائنا للوصول إلى حل مستدام بضمانات أمنية لإسرائيل»، ورأى أن «الهجوم الإيراني على إسرائيل يشير إلى تنامي التهديدات في المنطقة».

واعتبر أنه «يجب معالجة قضية الملاحة في البحر الأحمر والتصدي لهجمات الحوثيين»، مضيفاً أن «استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر يؤثر على الاقتصاد العالمي»، كما أثنى على جهود العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لتحقيق السلام في اليمن.

وحض وزير الخارجية الأميركي على تشديد التكامل الدفاعي بين دول الخليج في مواجهة «التهديد الإيراني».

وأوضح بلينكن أنّ الولايات المتحدة ستجري محادثات في الأسابيع المقبلة مع دول المجلس الست حيال دمج الدفاع الجوي والصاروخي، وتعزيز الأمن البحري.

وحذر الوزير الأميركي من أن «المنطقة أمامها خيار بشأن مستقبلها، بما في ذلك مستقبل مليء بالانقسامات والدمار والعنف وعدم الاستقرار الدائم».

وشدد على أن دول الخليج العربية اختارت من خلال اجتماعها مع الولايات المتحدة «تكاملاً أكبر وسلاماً أكبر».

البديوي وآل ثاني

من جهته، طالب أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، بوقف فوري لإطلاق النار في كل أنحاء غزة، واتخاذ تدابير دولية فعّالة لوقف العنف بالضفة الغربية المحتلة، ودعا لمؤتمر دولي بشأن تنفيذ «حل الدولتين».

كما أعرب أمين مجلس التعاون، خلال كلمته، عن القلق البالغ تجاه هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وعدَّها غير مقبولة.

وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد آل ثاني، في افتتاح الاجتماع إن «فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل للقضية الفلسطينية» يمثل أحد «أهم» التحديات التي تواجه الأمن الإقليمي.

بدوره، صرح وزير خارجية قطر، محمد عبدالرحمن آل ثاني، الذي تترأس بلده الدورة الحالية للقمة الخليجية: «نعمل على تنسيق المواقف بين الدول الخليجية والولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن «التصعيد العسكري في الشرق الأوسط في غاية الخطورة، ويجب تكثيف الجهود الدبلوماسية لتجنيب المنطقة مخاطر الحروب».

ودعا آل ثاني لـ«وقف فوري لإطلاق النار بغزة، والإفراج عن المحتجَزين»، مضيفاً «سنستمر في جهود عملية السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية».

ضمانات وتطبيع

إلى ذلك، كشف بلينكن خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» المنعقد بالرياض أن الولايات المتحدة تقترب من الانتهاء من اتفاق أمني مع السعودية سيُعرض عليها في حال طبّعت مع إسرائيل.

وأوضح: «أعتقد أن العمل الذي تقوم به المملكة العربية والولايات المتحدة معاً فيما يتعلق باتفاقياتنا، قد يكون قريباً جداً من الاكتمال».

من جهته، قال الأمير فيصل بن فرحان، إنه من المتوقع «في القريب العاجل» إبرام الاتفاقيات الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة.

وأضاف: «معظم العمل تم إنجازه بالفعل. لدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية واقتربنا بالفعل من وضع اللمسات الأخيرة».

وشدد على ضرورة «وضع حلول للشأن الفلسطيني بشكل شامل ومسار ذي مصداقية ولا رجعة عنه لإنشاء دولة فلسطينية».

ولفت إلى أن «الأمم المتحدة تقدر إعادة إعمار غزة في 30 عاماً» في وقت «لا يمكن تجاهل ما يعانيه الفلسطينيون في الضفة الغربية».

وجاء الحديث عن قرب إتمام التفاهمات بشأن اتفاق الضمانات الأمنية الواسعة التي ستمنحها واشنطن للرياض بحال قبلت بالتطبيع مع الدولة العبرية، في وقت مازالت إدارة الرئيس الأميركي الديموقراطي تعول على استخدام الخطوة المحتملة كرافعة لإحلال السلام الإقليمي، وإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، رغم الانتكاسة التي تسببت بها حرب غزة لمسار الاتفاقات الإبراهيمية.

اتفاق الهدنة

في غضون ذلك، عقدت مباحثات موسعة بين المسؤولين المصريين ووفد «حماس» برئاسة خليل الحية، لمناقشة آخر التطورات بشأن مقترح طرحته القاهرة لإبرام صفقة بين الحركة وإسرائيل، لإقرار هدنة مقابل الإفراج عن محتجزين إسرائيليين.

وأفادت أوساط قطرية نقلاً عن مصادر مطلعة على سير المفاوضات بقيام السلطات المصرية بتوجيه دعوة إلى الجانب الإسرائيلي للحضور إلى القاهرة، لتسهيل الرد على إيضاحات تطرحها الحركة الفلسطينية بشأن صياغة جمل وضمانات وكيفية ترجمتها على أرض الواقع قبل الرد على المقترح الذي قيل إنه يشمل إلغاء اجتياح مدينة رفح الحدودية مع سيناء.

وأمس، ذكر وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مشاركته بـ«دافوس» أن مصر قدمت «مقترحاً على الطاولة أمام إسرائيل وحماس يفضي لوقف إطلاق النار»، مضيفاً: «نحث إسرائيل وحماس على تقديم تنازلات».

وعبر شكري عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق.

جاء ذلك بعد ساعات من تحدث الرئيس الأميركي هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن محادثات وقف إطلاق النار، وتجديده طرح مخاوف واشنطن بشأن شن العملية البرية على رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح، هرباً من القصف والمعارك التي حصدت أرواح 34488 فلسطينياً حتى الآن.

الأردن

في سياق قريب، صرح عضو المكتب السياسي لـ«حماس» موسى أبومرزوق، بأن الأردن سيكون الوجهة المقبلة لقيادات الحركة في حال غادرت قطر.

ونفى صحة التقارير عن أن قيادات الحركة ستنتقل إلى العراق أو سورية أو تركيا، معتبراً أنها أجواء إعلامية للضغط على الدوحة التي قال إن مغادرتها غير قائمة حالياً.

وأضاف «الأردن شعب مضياف وكريم ومؤيد للمقاومة الفلسطينية. ولنا علاقة جيدة مع النظام الأردني».