لقد أنعم الله على دولة الكويت بنعم لا تعد ولاتحصى، ومنها نعمة الأمان والاستقرار، وهي نعمة عظيمة قلما تجدها في معظم دول العالم، ولعل السور الحصين المحافظ على الكويت وأمنها واستقرارها وتلاحم ووحدة أبنائها هو دستور 1962 الذي صدر سعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفيء على المواطنين بمزيد من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية والشورى في الحكم والحفاظ على وحدة الوطن واستقراره وسلامة أراضيه.
والمثير للدهشة هناك من يريد هدم هذا السور بدعوات غريبة وتحريض سافر بتعليق الدستور وإدخال البلاد في فوضى سياسية واجتماعية انتهت في 1990 بعد تعليق الدستور في 1986 بالغزو العراقي الغاشم، لكن التجاوب مع هذا التحريض والخيانة للعقد الاجتماعي الراسخ في هذا الزمن الذي سيطرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي على صناعة القرار وتغذية الشائعات ودعوات الكراهية والعنصرية، قد يكون الثمن باهظا وبكلفة لن تستطيع الكويت تحملها ليتحقق فينا قول الله سبحانه وتعالي: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ».
المشكلة ليست في دستور 1962 بل في البطانة التي ألبست تفسيرات نصوص الدستور هواها الشخصي والسياسي، فصنعت الأزمات تلو الأزمات، وتحاول الآن أن تحمّل الدستور المسؤولية بالرغم أن التفسيرات المغلوطة والهوى الجامح هو من يدخل الكويت في نفق أزمات سياسية.
وعلى سبيل المثال، تأجيل اجتماع المجلس شهرا قبل افتتاحه، فإن ما أكدت عليه المحكمة الدستورية دائما أن نصوص وأحكام الدستور يكمل بعضها بعضا، ولا يمكن أن تفسر إلا بما يحقق هذا التكامل، ويستبعد دائما أي تفسير يؤدي تطبيقه إلى إلغاء نص أو حكم في مادة أخرى أو تقييدها، إلا إذا نص على ذلك القيد على سبيل الاستثناء، وهو ما جرى عليه دستور 1962، حيث نص في بعض مواد على الاستثناء أو مراعاة تطبيق أحكام مواد أخرى مثل المواد 83 و87 و100، لذلك فتطبيق المادة 106 على سند أن المشرع الدستوري لم يحدد موعد اجتماع المجلس في دور الانعقاد الذي يؤجل هو تفسير خطأ لأنه أدى إلى تعطيل حكم المادة 87 من الدستور.
وهكذا، فالتفسيرات المغلوطة المستندة إلى الهوى السياسي دائما تدخل البلاد في أزمات هي في غنى عنها، وتنقل صورة سلبية عن عدم الاستقرار السياسي في دولة الكويت بالرغم لن تجد دولة في العالم يلتف شعبها حول قيادتها السياسية كدولة الكويت.