بداية وكي يكون هذا المقال «دوزان ونغم» واضحا، فلو كان القرار بيدي ودون تردد، لدشنت دراسة موسعة على مستوى الدولة ومكامن تخزين المياه ليتسنى لي جلب تقنية الاستمطار لدولة الكويت، لما لها من منافع عدة في إدارة موارد المياه المستقبلية والتخضير والري، هذا بالطبع مع كامل الاحترام لكل وجهات النظر المناهضة في الاتجاهات كافة.

تعرضت دول مجلس التعاون، وبشكل أكثر حصراً مناطق متفرقة من سلطنة عمان ودولتا الإمارات العربية المتحدة وقطر ومملكة البحرين إلى موجات وحلقات مناخية لا يمكن وصفها إلا بغير الاعتيادية لا من حيث التوقيت الموسمي ولا حتى في وصف غزارة الأمطار، وكما أسلفنا سابقا في عدة مقالات نُشِرت في جريدة «الجريدة»، فإن التغير المناخي والتبدل الموسمي آتيان لا محالة إذا ما تمت السيطرة وتضافر الجهود الأممية لتخفيف البصمة البيئية، وبالذات انبعاثات الغازات الدفيئة، ولكن ولأن دولة الإمارات كانت وما زالت من الدول المتقدمة التي تصدرت المشهد العلمي في جلب تقنية الاستمطار، فقد وجهت لها ولهذه التقنية التهم في التسبب بغزارة الأمطار التي مرت بها الدولة وعطلت حركة الملاحة وسببت ما سببته من أضرار مادية وخسائر في الأرواح لبعض الطلبة في الجارة سلطنة عمان، وهم من نحسبهم عند الله تعالى شهداء في عليين.

Ad

تعني تقنية الاستمطار إرسال عدد من الطائرات والمسيرات لرش الحبيبات النانوية ذات الأصل المعدني (النفيس) لتتكثف حولها الأمطار، وذلك من بعد رصد سحب على مناطق متفرقة من البلدان، والتقنية في الواقع ليست بالجديدة ولم تتسبب في أمطار بما يتماشى مع النسب التي تعرضت لها دولة الإمارات كذلك، والتي كانت تتعرض لقرابة الـ100 مم من منسوب أمطار طوال السنة، في حين تعرضت مدينة العين فقط في تلكم الفترة بغضون الأسبوع الماضي لما يفوق 250 مم في سويعات لا تذكر، كان هذا بحسب تقارير دولية كالتقرير الصادر عن الـBBC مؤخرا ومتاح للقراء أيضا https://www.bbc.com/news/science-environment-68839043.

الحادثة كانت ومازالت حلقة بيئية ذات أمور مبهمة عدة وجب أولاً التحقق من المصادر والمتغيرات المناخية ودراستها لتكوين نمذجة رياضية ذات قوام عال للتنبؤ بها مستقبلا، وثانياً دراسة كل ما يتصل من عوامل في منطقة الخليج متعلقة بالتغير المناخي والتبدل الموسمي لمعرفة السابق واللاحق من آثار بيئية كذلك، كما يجدر بالذكر أن هناك دراسات عدة وأبرزها ما تنبأت بغور مياه الأمطار بنسبة 30 في المئة على سواحل الخليج (تحديداً الإمارات) في المستقبل القريب من جراء نمذجة للتغير المناخي، وهو أمر أغفلناه في دولنا لا محالة، وكانت الدراسة المنشورة في إحدى دوريات Nature المرموقة https://doi.org/10.1038/s41598-023-49910-8 تعنى بشكل واضح بالمتغيرات المناخية، وهو أمر وجب الاطلاع عليه الآن من المختصين في البيئة من جانب، وكذلك حكومات الدول الغرب آسيوية من جانب آخر، وذلك لأخذ التدابير السليمة الصحيحة في المستقبل، فالاستمطار لم يكن ليتسبب في تغيرات بهذا الحجم والشكل ولم يسبق له ذلك، ولكننا قررنا أن نتجاهل ولعقود زمنية تحذيرات مناخية عدة وبيئية بشكل عام.

الآن وقد حصل ما حصل في المنطقة فالأصل أن يشكل فريق من المختصين يدير دراسات علمية على مستوى المنطقة لمعرفة التلوث البيئي وآثاره المناخية، وكيف لنا أن نتصدى لها لتفادي ما حصل، والذي نأمل من الله تعالى أن تكون مسألة حلقة بيئية فردية لا تتكرر بهذا الشكل مرة أخرى.

وأخيرا تحيةً لدولة الإمارات على استعادتها بنيتها التحتية بهذه السرعة وحركة الملاحة في دبي التي تعد عالمية لا إقليمية التركيز أيضا، لتكون مثالا يحتذى به على مستوى العالم.

على الهامش:

من البدهي جداً أن أي تحرك ضد الكيان الصهيوني هو أمر حميد، لكن ترتيب إيران مع الولايات المتحدة من بعد إنذار الأخيرة بالعواقب الوخيمة إن كان هناك أي ردود عسكرية، يضع مئة علامة استفهام على التحرك بالطيارات المسيرة ليلة 14 أبريل الماضي!! ومن بعدها الرد الصهيوني والذي مازال يضع علامات استفهام أكثر من الإجابات المنطقية!! عموما أكرر أن أي تحرك ضد الصهاينة أمر حميد، ولكن ما حصل مؤخرا كمواطن عربي بسيط يجعلني أستفهم وأشك بقدر ما أفرح.

هامش أخير:

لا مانع بل محبب أن يتم هناك اجتماعات تنسيقية للنواب لوضع النقاط على الحروف، ووضع خريطة تشريعية (جديدة) لهذا المجلس، ولكن الأجدر هو التسامي عن أي خلاف أو اختلاف ودعوة الجميع لما فيه صالح الوطن والمواطن من جهة، وكذلك الخروج ببيان يحدد وجهة نظر النواب الدستورية فيما يخص جلستي 17 و21 ابريل كذلك، وأن تعلن وتسجل وجهات النظر واختلافاتها بكل وضوح للشارع ليتسنى للناخبين تقييم نوابهم في المستقبل. ولكن ثقافة الإقصاء كانت وستظل أمراً غير حميد خصوصاً في ظل المناخ السياسي الكويتي والذي وجب الارتقاء به وبممارساته.