كشفت دراسة نُشرت، الأربعاء، في مجلة «PLOS One» أن علماء الآثار عثروا على آثار بشرية لحياة قبل 7000 عام في موقع بشمال غرب السعودية والذي كان عبارة عن أنبوب من الحمم البركانية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وأنبوب من الحمم البركانية عبارة عن قنوات طبيعية تسير عبرها الحمم البركانية أسفل سطح تدفق الحمم البركانية، والتي يتم دفعها بواسطة البركان أثناء الثوران.

وفي أنبوب الحمم هذا، المسمى أم جرسان، والأول الذي يتم التنقيب عنه في السعودية، اكتشف العلماء شظايا أدوات حجرية وبقايا حيوانات وعظام بشرية، يبلغ عمر أقدمها ما يقرب من 7000 عام، ما يدل على احتلالهم لهذا العالم البركاني الذي امتد تحت الأرض.

وذكرت الدراسة أنه عندما توغل البشر القدماء في شبه الجزيرة العربية، وجدوا عالماً يتميز بالصُهارة، تاركة مشهداً طبيعياً من الحفر وتدفقات الحمم البركانية المتجمدة.

والعديد من هذه الحقول البركانية التي تبدو وكأنها من عالم آخر مزينة ببقايا أثرية من المساكن الصغيرة إلى الهياكل الضخمة التي تتجمع فيها الحيوانات والتي تسمى الطائرات الورقية، والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.

والصُهارة أو الماغّْما عبارة عن مزيج من الصخور المنصهرة أو الشبه منصهرة مع «لمواد الصلبة المتطايرة من البراكين.

وتتكون الماغما تحت القشرة الأرضية أو غيرها من طبقات الأرض، وتتجمع الصهارة فيما يعرف بإسم «غرف الصهارة التي قد تغذي بركان وتخرج فوق سطح الأرض وتُسمى في تلك الحالة «لافا» أو تتجمع تحت القشرة الأرضية في هذه الحالة تُسمى «بلوتون».

أنبوب الحمم البركانية

Ad

وتُعتبر الصهارة قادرة على اقتحام الصخور المجاورة وتكوين السدود النارية وأيضاً تكوين الجيوب البركانية ثم تقذف على سطح الأرض لتُكون الصخور البركانية.

وذكرت الصحيفة أنه لا يُعرف سوى القليل عن هويات وحياة هؤلاء البشر الذين سكنوا هذه المنطقة، لكن الدراسة كشفت أن احتلالهم لهذا العالم البركاني امتد تحت الأرض.

ونقلت الصحيفة عن عالم الحفريات بجامعة غريفيث في أستراليا وأحد مؤلفي الدراسة، ماثيو ستيوارت «هذا في الواقع أول دليل واضح على وجود أشخاص يسكنون هذه الكهوف».

ووفقاً للصحيفة، يبلغ إجمالي طول أنفاق أم جرسان حوالي 5000 قدم، ولم يتم فحص سوى أجزاء صغيرة منها.

وتُرجح الدراسة أنه بدلاً من أن هذا الموقع قد كان موطناً دائماً، ربما استخدم البشر الأوائل هذا الكهف البركاني كمحطة على الطريق أثناء الهجرات بين الواحات.

وقال ستيوارت «كانت أم جرسان توفر مكاناً جميلاً للجوء من الظروف المناخية المتغيرة والقاسية في كثير من الأحيان».

وأضاف أنه مع وجود الآلاف من الكهوف البركانية الإضافية مثل أم جرسان في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، تظهر الدراسة الجديدة أنها «تحمل وعداً كبيراً» لفهم هجرة البشر الأوائل.

ووفقاً للصحيفة، كانت شبه الجزيرة العربية موقعاً للهجرة البشرية لمئات الآلاف من السنين.

وفي استطلاعات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة، رصد العلماء الملايين من المعالم الأثرية «مثل المواقد على ضفاف البحيرة» والهياكل «مثل المقابر ومواقع تجمع الطقوس» التي تركها هؤلاء الناس وراءهم.

وتكشف دراسة الفريق الجديدة عن وفرة من الأدلة على إقامة الإنسان في أماكن أخرى من الكهف، مثل رقائق حجر السج «شظايا من شظايا الصخور البركانية الحادة المستخدمة في الأدوات»، وبقايا بشرية إضافية والعديد من عظام الحيوانات.

وتُشير تقنيات التأريخ المختلفة إلى أن البشر احتلوا أم جرسان بشكل متقطع على مدى فترة لا تقل عن 7000 عام، بما في ذلك القرون الأخيرة.

كما تثبت الدراسة أنهم أحضروا الحيوانات معهم، وهي فكرة تدعمها ليس فقط بقايا الموقع، إذ اكتشف الفريق 16 لوحة فنية صخرية في مدخل أنبوب حمم آخر قريب يُظهر بعضها أشخاصاً يرعون الماشية والأغنام والماعز، أحياناً بمساعدة الكلاب، ويصور البعض الآخر أشخاصاً يصطادون الغزلان وربما الوعل.

وأشارت الصحيفة إلى أن أنابيب الحمم البركانية في السعودية يُمكن أن يكون كل منها بمثابة نافذة غير مفتوحة على حياة أسلاف البشرية.