بينما تنتظر المنطقة بترقب شديد أي تصعيد إسرائيلي جديد ضد إيران، كشف مصدر في مكتب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لـ «الجريدة»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عرض خلال اتصاله بنظيره الإيراني، أمس الأول، توسُّط روسيا للتهدئة بين طهران وتل أبيب ولجم التصعيد الحاصل في المنطقة، مضيفاً أن رئيسي أبدى عدم معارضة بلاده لتلك الوساطة.

وذكر المصدر أن رئيسي أكد لبوتين أيضاً أن استمرار إسرائيل في الحرب على غزة وبعربدتها في المنطقة دون حساب أو رقيب بغطاء أميركي يعني أن المنطقة متجهة إلى تصعيد كبير أو حرب محققة، مضيفاً أنه لا أحد يمكنه نكران أن إيران التزمت أقصى درجات ضبط النفس منذ 7 أكتوبر 2023، موعد هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل، وأنها فعلت كل ما يمكنها لتجنب توسيع الحرب والانزلاق نحو صراع إقليمي، غير أن استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وعدم تحرك مجلس الأمن الدولي وضع طهران في ظرف يفرض عليها الرد.

Ad

وحسب المصدر، عرض رئيسي على بوتين 3 شروط لنجاح الوساطة الروسية، أولها إقناع إسرائيل بعدم القيام بأي تحرك تصعيدي جديد ضد طهران رداً على الهجوم الإيراني الانتقامي.

وقال المصدر، في هذا السياق، إن رئيسي أكد أن بلاده لم تستخدم ما لديها، وأن هجومها الأخير هو الحد الأدنى للرد على الغارة الإسرائيلية على مبنى قنصليتها في دمشق، والتي راح ضحيتها قائد الحرس الثوري في سورية ولبنان ومجموعة من معاونيه، محذراً من أنه إذا تعرضت طهران لأي عدوان إسرائيلي مباشر فإنها ستقوم برد لن يكون في حسبان أحد.

ووفق المصدر، فإن الشرط الثاني مرتبط بالضربات الإسرائيلية ضد مصالح إيران في سورية. وفي هذا الإطار، عبّر رئيسي عن عتب طهران على سماح موسكو لتل أبيب بشن غارات في سورية لسنوات، وعدم تفعيل الدفاعات الجوية الروسية في سورية ضد إسرائيل، وهو ما سمح للأخيرة بالتمادي في اعتداءاتها، ووصل الأمر إلى أن طهران لم يعد لديها خيار سوى الرد لردعها عن مواصلة الاغتيالات والاعتداءات.

وقال المصدر إن بوتين أجاب نظيره الإيراني، بأن قرار روسيا عدم التدخل ينبع من تقييم موسكو بأن تدخلها كان سيؤدي إلى تصعيد أكبر وتدخل أميركي لمصلحة إسرائيل، وأن الوجود الروسي في سورية مرتبط بالاتفاق مع دمشق على مواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أن بوتين أعلن استعداده للتخلي عن رفض موسكو السابق لتركيب القوات الإيرانية أنظمة دفاع جوية في سورية، واستعداده للتنسيق مع القادة العسكريين الروس في سورية للتعاون مع نظرائهم الإيرانيين لتركيب تلك الأنظمة إذا كان ذلك يشكل أي ضمانة لإيران.

أما الشرط الثالث، فمرتبط بحصول إيران على قطع غيار وقطع إلكترونية ضرورية لتتمكن من تشغيل مقاتلات «سو 35» الروسية الحديثة التي تسلمت طهران بالفعل عدداً منها قبل نحو عام.

ولفت المصدر إلى أن روسيا كانت تماطل في تسليم هذه القطع بسبب «فيتو» مزدوج خليجي وإسرائيلي، وهو ما جعل إيران قادرة على استخدام هذه المقاتلات لأهداف تدريبية ومهمات لمسافات قريبة فقط، مبيناً أن بوتين أبدى استعداده لتسليم هذه القطع، لكنه ربط ذلك بإيفاء الإيرانيين بتعهدات سابقة لإمداد موسكو بصواريخ ومسيّرات تحتاجها لحربها في أوكرانيا.

وأوضح أن قيادة الأركان الإيرانية تضغط بشكل كبير على حكومتها لإعطاء روسيا كل ما تطلبه مقابل هذه القطع لأنها تحتاج مقاتلات «سو 35» بشدة للدفاع عن الأجواء الإيرانية ضد أي ضربات إسرائيلية مقبلة.