يعيش لبنان على إيقاع السباق بين التوتر على خلفية جريمة خطف وقتل منسق حزب القوات اللبنانية في منطقة جبيل باسكال سليمان، ومساعي التهدئة ومنع تفاقم الأمور. وتسارعت وتيرة الاتصالات بين القوى السياسية لتهدئة الوضع ومنع حصول تصعيد، خصوصاً أن الأجواء المشحونة أفضت إلى اتهامات واتهامات مضادة بلغت ذروتها بتخصيص الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصر الله جزءاً واسعاً من خطابه الأخير للحديث عن الحادثة وتوجيهه اتهامات إلى المسيحيين.

وأخذ التوتر بين «القوات» و«حزب الله» بعداً تصاعدياً، وسط محاولات كثيرة للجمه، وهو دور اضطلعت به البطريركية المارونية وقيادة الجيش. واتهم نصر الله حزبي القوات والكتائب بأنهم أصحاب فتن ويبحثون عن الحرب الأهلية، وكشف عن إرسال رسائل تهديد إلى الشيعة في جبيل وكسروان، واصفاً الأمر بأنه «مسألة خطيرة جداً جداً جداً، ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام».

Ad

كلام نصر الله استفز قادة القوات والكتائب فاتجهوا إلى التصعيد السياسي، ورفض التحقيقات التي كشفتها قيادة الجيش وربطت عملية الخطف وجريمة القتل بهدف سرقة سيارة من جانب عصابة متخصصة في سرقة السيارات.

على إثر هذا التشنج الذي شهده الشارع، وانعكس اعتداءات على عمال سوريين في مناطق مختلفة على خلفية اتهام مجموعة سورية بعملية الخطف، بوشرت اتصالات سياسية للتهدئة.

وبحسب ما كشفت المصادر لـ «الجريدة»، فإن قائد الجيش جوزيف عون أجرى اتصالاً برئيس حزب القوات سمير جعجع وضعه فيه بتفاصيل التحقيقات، وطلب منه فتح الأوتستراد الدولي الذي يربط بيروت بالشمال.

ودخل البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الاتصال أيضاً في سبيل التهدئة، وانتظار التوسع في التحقيق لمعرفة ما جرى، إلا أن القوات تصر على أن هناك خلفية سياسية للعملية. وبناء على الاتصالات السياسية فضلت القوات التريث بانتظار استكمال التحقيق، وضغطت في سبيل التوسع في التحقيقات لأن الرواية حول سرقة السيارة رواية ضعيفة، في المقابل أيضاً، تريثت القوات سياسياً على وقع المحاولات الجارية للملمة القضية بدلاً من اتجاهها نحو مخاطر أكبر.

صحيح أن القوات تدرس خطواتها السياسية المقبلة، لكنها بحسب المعلومات تأخذ في عين الاعتبار أنه لا أحد تبنى هذه الجريمة، وبالتالي لا بد من التعاطي وفق هذا المعطى، كما أنها تعتبر أنه لا بد من انتظار نتائج التحقيق بعد التوسع فيه، فضلاً عن ضرورة التركيز على تنظيم وداع يليق بسليمان، والذي سيكون وداعاً شعبياً وسياسياً يمكن أن يشكل لحظة لمنطلق سياسي جديد، إضافة إلى أهمية التفكير في المرحلة المقبلة على المستوى السياسي.

وبحسب ما تشير المعلومات، فإن تواصلاً سيحصل بين القوى المسيحية المختلفة، لعقد اجتماع موسع في بكركي، للبحث في تداعيات الجريمة، وكيفية تطويقها سياسياً للمرحلة المقبلة، بينما هناك مساعٍ من بعض القوى المسيحية للذهاب إلى الالتقاء مع قوى أخرى في لبنان للبحث عن نقاط مشتركة حتى لا يأخذ الانقسام طابعاً طائفياً أو مذهبياً، وإعادة تقديم طرح سياسي ينص على الذهاب باتجاه تسوية سياسية تعيد تشكيل السلطة بشكل متوازن، وذلك لمنع تفاقم مثل هذه الحوادث التي ستؤدي إلى صدامات في المناطق المختلفة.