رغم أن حملته تبدو فوضوية، وخطاباته غاضبة، وتعليقاته مثيرة للجدل، فإن دونالد ترامب نجح في تشكيل دائرة داخلية من المخضرمين، وحاشية متماسكة من الموالين المتعصبين له، استفادت من أخطائها خلال فترته الرئاسية الأولى، وهي مستعدة الآن لتطبيق أفكاره إذا ما فاز في انتخابات نوفمبر المقبل، وفق ما أوردت صحيفة «فايننشال تايمز».

وعلى خلاف المرة السابقة، عندما اضطر إلى تعيين مسؤولين من الحزب الجمهوري، بات ترامب حالياً قادراً على الاعتماد على مجموعة من المساعدين المخلصين وذوي الخبرة.

Ad

وقال ستيف بانون، المستشار السياسي السابق لترامب، إن حملة 2016 كانت «نظرية» من حيث الخطط، و«فوضوية» في عملها، لكن أصبح لديه الآن «فريق كفء على استعداد للانطلاق».

وفشل الحزب الجمهوري في وضع حواجز مؤسسية وسياسية حول إدارة ترامب الثانية مقارنة بإدارته الأولى، حيث قال المؤرخ الرئاسي، مايكل بيشلوس «نحن نعيش في عالم مختلف. يعرف ترامب أن العديد من الجمهوريين يشعرون بالاستياء بسبب دفاعه عن تمرد 6 يناير، ويشعرون بالاشمئزاز مما يقوله عن الدكتاتورية، لذا فقد قام بشطبهم واتجه نحو الذين يبدو أنهم موالون له ولأفكاره الحالية».

وتحدث ترامب الشهر الماضي عن مقاربته إذا هزم بايدن في نوفمبر المقبل، وقال إنها تنقسم في الأساس إلى شقين: الأول ثورة سياسية يمينية لعكس العديد من إجراءات بايدن على مدى السنوات الثلاث الماضية، والثاني مهمة انتقامية ضد خصومه السياسيين، لمعاقبتهم على الاضطهاد الذي يدّعي أنه تعرض له على يد النظام القضائي الأميركي.

وقال ترامب لحشد من مؤيديه «بالنسبة للأميركيين الذين يعملون بجد، سيكون 5 نوفمبر يوم التحرير الجديد، وبالنسبة للكاذبين والغشاشين والمحتالين الذين استولوا على حكومتنا سيكون يوم الانتقام منهم».

وحافظ ترامب على علاقات وثيقة مع حلفائه، وحظي بدعم عدد من مسؤولي إدارته السابقة، الذين يقفون في قلب حملته لولاية ثانية هذا العام. وتتراوح دائرة ترامب الداخلية بين معتدلين ومتشددين، لكن ما يشتركون فيه فعلا هو ولاؤهم الشخصي الشرس لترامب.

وقال الخبير الاستراتيجي الجمهوري، دوج هي «أصبح لدى ترامب، على عكس المرة السابقة، فريق داخلي، والعالم الحكومي الجمهوري يسير على قدم وساق معه».

وينتمي بعض القريبين من ترامب إلى مؤسسات فكرية في واشنطن انضمت إلى المرشح الجمهوري وأفكاره في السنوات الأخيرة، وتخطط للمشاركة في إدارته إذا فاز بالانتخابات.

وتضم دائرة ترامب مثلا ستيفن ميلر، وهو أحد كبار مستشاريه السابقين، والمدافع عن القيود الصارمة على الهجرة، ولايزال قريبًا جدًا من الرئيس السابق، إلى جانب روبرت لايتهايزر، الممثل التجاري الأميركي السابق ومهندس المعارك التجارية الكبرى مع الصين والاتحاد الأوروبي.

وفيما يتعلق بالاقتصاد، يعد كيفن هاسيت، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين لترامب، وروس فوت، مدير الميزانية السابق، من الشخصيات الرئيسية في مدار ترامب الحالي، رغم أنه لايزال يتحدث إلى لاري كودلو، وهو مساعد اقتصادي سابق آخر، وستيفن مور الذي حاول سابقًا تعيينه في مجلس الاحتياطي الفدرالي وفشل في ذلك.

ومن المتوقع أن يلعب ميلر دوراً كبيراً في حملة التطهير ضد «البيروقراطيين المارقين»، إلى جانب مات ويتاكر، الذي شغل منصب مساعد المدعي العام بالإنابة خلال فترة ولاية ترامب الأولى.

ميلر هو أيضا مهندس خطط ترامب لإغلاق حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، واعتقال المهاجرين غير الشرعيين لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، واستخدام الجيش إذا لزم الأمر لاحتجازهم.

وفيما يتعلق بالتجارة، يخطط ترامب لتجديد حروبه التجارية من خلال فرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10 في المئة على البضائع المستوردة، وتعريفة جمركية بنسبة 60 في المئة على البضائع الصينية، فضلا عن ضريبة منفصلة بنسبة 100 في المئة على السيارات الصينية.

وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فمن المحتمل أن يذهب قدر كبير من الفضل إلى وايلز وكريس لاسيفيتا، الاستراتيجيين السياسيين للحملة. وقال لاسيفيتا إن «ترامب يحدد الإيقاع، ويحدد جدول الأعمال، ومهمتنا هي التنفيذ».

وعلى مدار العام الماضي، شدد ترامب أيضًا قبضته على الحزب الجمهوري في الكونغرس، وهو ما قد يكون عاملاً كبيراً في كيفية حكمه في فترة ولاية ثانية. وعلى الرغم من أن حكومة منقسمة أمر وارد، فإن الزخم الناتج عن فوز ترامب بالرئاسة من المرجح أن يؤدي إلى سيطرة الجمهوريين على كلا المجلسين.

وفي العام الماضي، تمكن ترامب من تعيين مايك جونسون، وهو مشرع غامض من لويزيانا، ولكنه أحد حلفائه، رئيسا لمجلس النواب. كما تحرك بسرعة للسيطرة على اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، فقد أجبر الحزب على استبدال رونا مكدانيل كرئيسة للجنة بمايكل واتلي، رئيس الحزب السابق في ولاية كارولينا الشمالية. وتمكن أيضًا من تعيين لارا ترامب، زوجة ابنه، رئيسًا مشاركًا للجنة الوطنية للحزب الجمهوري.

وعلى جبهة السياسة الخارجية، يجري الحديث حاليًا عن بعض الشخصيات المألوفة كمرشحين لمناصب قيادية، بينهم مستشار الأمن القومي السابق، روبرت أوبراين، والسفير الأميركي السابق لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ البارزين مثل ماركو روبيو من فلوريدا، وبيل هاغرتي من تينيسي.

وبالنسبة للفريق الاقتصادي، فإن الأسئلة الكبيرة هي ما إذا كان ترامب قد يختار أحد المانحين في «وول ستريت» لمنصب وزير الخزانة، كجون بولسون، أو جيف ياس، أو سكوت بيسنت، وهم كبار مديري صناديق التحوط.

لكن هذه الصورة عن الاتحاد والتماسك خلف ترامب لا يمكن أن تخفي حقيقة انفصاله عن بعض الشخصيات البارزة في إدارته، كنائبه السابق مايك بنس، ومستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون، ووزير الدفاع السابق مارك إسبر، ورئيس أركان البيت الأبيض السابق جون كيلي.