بينما تحتفل بلدة رميش المسيحية اللبنانية بأول عيد قيامة يحل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، يقول بعض السكان إن المواجهة التي بدأت بالتزامن مع تلك الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل تجرهم إلى صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل.

ومثل الكثير من المسيحيين في مناطق أخرى في جنوب لبنان، يتملك السكان الغضبُ ويشعرون بالخوف من أن تقع منازلهم في مرمى إطلاق النار، ما يجبر أسرهم على الفرار من قرى أجدادهم قرب الحدود مع إسرائيل.

Ad

وقبل أيام، دخل أحد سكان رميش في مواجهة مع مجموعة من المسلحين حاولت إطلاق صاروخ صوب إسرائيل من داخل البلدة. ويقول رئيس البلدية ميلاد العلم، إن ما يطالبون به خلال الأشهر الستة الماضية هو أن يظلوا على الحياد، فأي رد سيؤدي إلى خسائر فادحة.

ونفى «حزب الله»، الذي له نفوذ على أغلب مؤسسات الدولة اللبنانية، أن يكون مقاتلوه قد حاولوا إطلاق صواريخ من رميش.

ويعكس استياء سكان القرى انتقادات وجهها رجال دين مسيحيون وسياسيون معارضون إلى «حزب الله» يتهمونه منذ فترة طويلة بتقويض دور الدولة عبر امتلاكه ترسانة أسلحة مثيرة للجدل تفوق ما يمتلكه الجيش اللبناني، وهيمنته على قرارات الحرب والسلام.

وتتعايش أكثر من اثنتي عشرة طائفة دينية في عملية توازن دقيقة وهشة في لبنان الصغير، وتتجلى في نظام محاصصة طائفية يوزع المناصب العليا في الدولة بناء على الانتماء الطائفي. لكن منصبي الرئيس ومحافظ البنك المركزي، وهما أكبر منصبين مخصصين للمسيحيين الموارنة، شاغران منذ أكتوبر 2022 ويوليو 2023 على الترتيب بسبب انقسامات بشأن اختيار من يشغلهما.

وقالت النائبة المسيحية غادة أيوب، التي تمثل دائرة انتخابية في الجنوب وتنتمي إلى حزب القوات اللبنانية المناهض لـ «حزب الله»، إن المسيحيين يتصدون للحزب «لأنه يتعدى على وجودهم»، كما أن الحرب تعمّق الخلافات السياسية اللبنانية، مضيفة أن «السؤال الآن هو: هل يوجد بعدُ نقاط مشتركة نكمل بها، نبني دولة مع بعضنا؟».

والمنطقة الأكثر تضرراً من القصف هي الشريط الحدودي الذي يضم حوالي اثنتي عشرة بلدة مسيحية من بينها رميش. ودق كبار رجال الدين المسيحي في لبنان ناقوس الخطر في عظاتهم الأسبوعية. ودعا البطريرك الماروني بطرس الراعي في وقت مبكر من حرب غزة إلى عدم تدخل لبنان، وقال أخيراً إن الحرب «فُرِضت» على المسيحيين.

وتساءل رئيس مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة في وقت سابق من الشهر الماضي: «هل يجوز لفئة من اللبنانيين أن تقرر عن الجميع وتتفرد باتخاذ قرارات لا تناسب مصلحتهم؟».

ومع تصاعد الغضب، قال جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، الحليف المسيحي الرئيسي لـ «حزب الله»، إن التحالف قد اهتز، موضحاً أن «المشكلة الأساسية التي طرأت هي تخطي الحزب حدود الدفاع عن لبنان، والانخراط في صراع لا نملك القرار فيه».

وقال مايكل يونغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن «المزاج السائد بين الطائفة المسيحية هو تقريباً انفصال نفسي عن النظام. فهم لا يشعرون أن لهم كلمة مسموعة، وهذا صحيح إلى حد ما، فحزب الله يسيطر على جزء كبير من النظام».