غداة استخدام روسيا والصين حق الفيتو لإسقاط أول مشروع أميركي لوقف إطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس منذ 7 أكتوبر الماضي، أرجأ مجلس الأمن أمس مشروع قرار مماثلا عملت على مسودته ثمان من الدول العشر غير الدائمة العضوية هي الجزائر ومالطا وموزمبيق وغويانا وسلوفينيا وسيراليون وسويسرا والإكوادور، للتصويت عليه غدا الاثنين بهدف ادخال تعديلات سعياً لتفادي الفشل للمرة العاشرة.

ويطالب مشروع القرار العاشر في نسخته الحالية بـ«وقف فوري للأعمال القتالية خلال شهر رمضان، ستحترمه جميع الأطراف ويؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار»، كما يدعو إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن دون شروط مسبقة، ورفع «جميع القيود» على دخول المساعدات.

Ad

وفي تاسع محاولة لإصدار قرار من مجلس الأمن بشأن حرب غزة، انضمت الجزائر إلى روسيا والصين في رفض القرار الأميركي، الذي يتحدث عن «الحاجة الملحة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار»، لكنه لا يتضمن عبارات مثل «يدعو» أو «يطلب».

وفي ظل انقسامه، لم يتبن مجلس الأمن منذ اندلاع الحرب سوى قرارين طابعهما إنساني، من أصل ثمانية نصوص طرحت للتصويت. واستخدمت إدارة الرئيس جو بايدن حق الفيتو ثلاث مرات دعماً لإسرائيل في إسقاط مشاريع وقف إطلاق النار بزعم أنها تصب في مصلحة «حماس».

غوتيريش

وفي ظل إصرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على اجتياح مدينة رفح المكتظة بمئات آلاف النازحين رغم التحذيرات الأميركية والمناشدات الدولية، زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حدود غزة من الجانب المصري أمس، وجدد مطالبه بوقف النار وادخال المساعدات.

وفي مدينة العريش، شمال سيناء، التقى غوتيريش موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة في رفح، وتفقد عملية تسليم وتخزين الكثير من مساعدات الإغاثة الدولية لغزة، ومستشفى تعالج المصابين بالحرب.

واستغل غوتيريش الزيارة للدعوة إلى إجراء تحقيق شامل ومستقل وموثوق في لقطات فيديو التقطتها طائرة مسيرة تظهر هجوماً إسرائيلياً على 4 مدنيين عزل أثناء سيرهم في غزة، مشددا على ضرورة امتثال جميع أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات في الهجوم.

وأكد جيش الاحتلال أنه يجري تحقيقاً في الحادث، وأحاله إلى آلية تقصي الحقائق والتقييم التابعة لهيئة الأركان العامة، وأوضح أنها «هيئة مستقلة مسؤولة عن فحص الحوادث الاستثنائية التي تحدث أثناء الحرب».

قادة المنفى

في هذه الأثناء، نقلت هيئة البث العبرية أمس أن إسرائيل تدرس طلب «حماس» الالتزام بعدم اغتيال كبار مسؤوليها في حال خروجهم من غزة، مقابل اتفاق يتضمن إخلاء القطاع من السلاح، وعودة جميع المحتجزين وانسحاب الجيش الإسرائيلي.

وأوضحت أن الولايات المتحدة روجت للاقتراح كجزء من المرحلة الثانية من صفقة إطلاق سراح 40 رهينة مقابل وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إنه يتم النظر في عرض «يتضمن الالتزام بعدم التعرض لكبار المسؤولين المنفيين».

وللمرة الثانية، عاد رئيس الموساد دافيد بارنياع ورئيس الشاباك رونان بار وممثل الجيش في هذه المحادثات نيتسان ألون إلى الدوحة أمس الأول واستأنفوا اجتماعاتهم على الفور مع وسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة.

وأفادت إعلام عبرية بأن مجلس الحرب بقيادة نتنياهو وسع التفويض الممنوح لوفد التفاوض في الدوحة، برئاسة برنياع ومنحه صلاحيات إضافية محدودة، تحت ضغط من رئيس الشاباك رونان بار واللواء ألون.

خيارات بديلة

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أمس الأول: «يوجد مليون ونصف في رفح، ونعتقد أن شن هجوم بري كبير هو خطأ، وسيكون كارثة»، وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية سترسل وفداً خلال أيام للحديث عن بدائل لعملية برية، والمسؤولين الأميركيين سيبحثون الخيارات المحتملة مع المسؤولين الإسرائيليين، وأن مزيدا من التفاصيل عن الزيارة ستُعلن في الأيام المقبلة.

وبينما أكدت نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس على أهمية حماية المدنيين في برفح، لأنهم لا يملكون أي سبيل للهروب، نقلت صحيفة بوليتيكو عن مسؤولين في إدارة بايدن أن «المشكلة تتجاوز نتنياهو لأن مجلس الحرب بأكمله متحد في هذا الصدد».

وفي ختام زيارته السادسة لإسرائيل منذ بدء الحرب، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نتنياهو من مخاطر عدم وجود خطة لليوم التالي لحرب غزة، وشدد على أن الهجوم على رفح لن يحقق هدف قادة إسرائيل وسيؤدي إلى عزلهم عن العالم.

في المقابل، أعلن نتنياهو أن إسرائيل ما زالت مصممة على إرسال قوات لرفح، و«ستفعل ذلك من دون دعم أميركي إذا لزم الأمر»، مبينا أنه أبلغ بلينكن أنه لا توجد طريقة لهزيمة «حماس» دون دخول المدينة الحدودية مع مصر، ووصف الأردن تصريحات نتنياهو بأنها تحد للعالم أجمع.

خدمة إضافية

ميدانيا، وفي اليوم الـ169 للحرب، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر لآلاف الجنود النظاميين بالخدمة 4 أشهر إضافية من أجل السماح بالتعامل مع استمرار الهجوم، وهي محاولة للتحايل على عدم قدرة الحكومة على تمديد الخدمة النظامية للجنود، في ظل الجدل حول قانون التجنيد.

وأعلن جيش الاحتلال أن حصيلة عملياته المستمرة في مجمع الشفاء الطبي أسفرت عن مقتل 170 واعتقال 800، وأكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة أن الاحتلال وسع عملياته في المنطقة، وقتل 100، وأعدم كوادر طبية داخل مجمع الشفاء.

وفي الضفة الغربية، نفذ الاحتلال اقتحامات ليلية جديدة رافقتها اعتقالات واشتباكات مع مقاومين، بعد ساعات من عملية أوقعت عدداً من الجنود الإسرائيليين جرحى.

وفي تطور سياسي، اتفقت إسبانيا وأيرلندا ومالطا وسلوفينيا على العمل معا من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وتوقع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عقب اجتماع للمجلس الأوروبي في بروكسل، أمس الأول، أن يتم الاعتراف خلال الفترة التشريعية الحالية، التي بدأت العام الماضي وتستمر لـ4 سنوات.

وفي نقطة قد تحدث تحولا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تدرس الولايات المتحدة وبريطانيا خيار الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد انتهاء الحرب على غزة.