إن العلاقة التي تربط العملاء في البنوك هي علاقة عقدية تبدأ من توقيع اتفاقية فتح الحساب البنكي وإدارة هذا الحساب والخدمات المصرفية المقدمة من خلاله، وبعدها تنشأ علاقات عقدية أخرى بين العميل والبنك، مثل عقود القروض والودائع والمحافظ الاستثمارية وغيرها من الاتفاقيات، وبالتالي يجب أن نفرق بين كل علاقة اتفاقية من تلك العلاقات، وكل منها لها شروط وبنود تكون منفصلة عن الاتفاقيات الأخرى من حيث الصيغة والأحكام.

فإذا افترضنا أن أحد العملاء قام بالتوقيع على عقد قرض وتخلف عن السداد، وقام البنك برفع قضية يطالب فيها بالحكم بأحقيته في المبالغ المسددة في هذا العقد إلى العميل، وبالفعل حكمت المحكمة بناء على الاتفاق باستحقاق البنك لكامل قيمة القرض، ويقوم البنك بعمل إجراءات التنفيذ ضد العميل لتحصيل قيمة الحكم، بهذه الحالة يجب أن نفرق بين علاقة البنك مع العميل بعقد القرض وعلاقة العميل بعقد فتح الحساب وإدارته.

Ad

بالنسبة لفتح الحساب فإنها علاقة اتفاقية يحكمها عقد الاتفاق والقرارات المنظمة لذلك من الجهة الرقابية وهي البنك المركزي.

أما بالنسبة لعقد القرض فطالما عرض هذا العقد على المحكمة نتيجة نزاع بين البنك والعميل، وقد صدر حكم في الدعوى، فبالتالي المحكمة فصلت في النزاع، وقد أنهت هذا العقد، ويعتبر العقد مفسوخا بالحكم الصادر على العميل بالالتزام واستحقاق البنك لكامل قيمة القرض، أي أن الحكم القضائي حل محل عقد القرض بالعلاقة بين البنك والعميل في هذا النزاع، وبالتالي لا يجوز للبنك التمسك بأي بند من بنود الاتفاق الخاص بعقد القرض باعتباره تم إنهاؤه، وتحولت العلاقة من اتفاقية الى قضائية تحكمها حيثيات ومنطوق الحكم والأوامر القضائية الصادرة من قبل إدارة التنفيذ.

وما يحصل في كثير من البنوك أن تكون العلاقة والتعامل مختلطا بين الوضع الاتفاقي والحكم القضائي، أي تقوم البنوك بالتعامل مع حساب العميل كالوعاء، يقوم بمصادرة أي مبالغ مالية تدخل في حساب العميل مستنداً إلى البند الاتفاقي الذي يتضمنه عقد القرض الذي ينص على «يجوز للبنك أن يقوم بتحصيل كافة المبالغ من حساب القرض أو الحسابات الأخرى في البنك أو البنوك الأخرى وتكون ضامنة لسداد المبالغ المستحقة».

وهذه الممارسة غير قانونية لأنها أولاً انتهت بصدور حكم بالدعوى الفصل بعقد القرض الذي تتضمنه تلك البنود وثانياً سحب البنك لأي مبالغ من حساب العميل تنفيذا لحكم قضائي لا يأتي إلا عبر الأوامر القضائية الصادرة من إدارة التنفيذ تنفيذا للحكم القضائي وإن كانت بحجز مال المدين لدى الغير أو تحت يد النفس وتكون دائمة كما هو المعمول به في البنوك بالمخالفة لقرارات البنك المركزي بعدم الاتفاق بعقود القروض مع العملاء على استقطاع ما يتجاوز 40% من الراتب وفق ما أقره في اجتماعه المنعقد بتاريـخ 1996/4/20 بعض التعديلات على التعليمات السابق إصدارها في 1995/12/11 بشأن قواعد وأسس منح البنوك للقروض من التعليمات المعدلة، والتي يتعين على الاستهلاكية، وغيرها من القروض المقسطة. وبالمخالفة لقانون المرافعات في المادة 216 بعدم جواز الحجز على أكثر من نصف الراتب أما سحب أي مبالغ تدخل حساب العميل بشكل مباشر أو سحب راتبه بالكامل فإنها مخالفة صارخة لقرارات البنك المركزي الذي يجب أن يتصدى لمثل تلك المخالفات ومخالفة لقانون المرافعات المدنية والتجارية الذي يجعل البنك تحت المسؤولية المدنية التي تستوجب تعويض المتضررين من العملاء بعدم سلوك الطريق القانوني في تحصيل أموال الأحكام القضائية وتجاوز القانون في وضع اليد على رواتب المدين من العملاء.

هناك يمكن الخلط بين عقد الاتفاق في فتح الحساب والعقود الأخرى، حيث إن الحساب البنكي للعميل هو الوعاء الخاص والصندوق المؤتمن عليه البنك لأموال العميل.

ويثار السؤال هنا هل يحق للبنك اختراق الحساب الشخصي للعميل وسحب الأموال لصالح نفسه تنفيذا لحكم قضائي في نزاع القرض نفسه أو اتفاق مصرفي آخر؟ إذا كانت الإجابة بأنه يستطيع ذلك؟ وهل يحق للبنك أيضا ممارسة ذلك الاختراق وسحب الأموال لأي بنك آخر أو شركة زميلة قد يساهم فيها البنك بشكل كبير دائنة لأحد عملائه أم الأمر يتطلب حكما قضائيا وأمرا قضائياً ساري المفعول لتنفيذه بإجراءات التنفيذ المنصوص عليها قانونا؟

فإذا سلمنا بذلك فإننا أمام مخالفات من قبل البنوك تسبب ضررا للعملاء والذي يفتح باب المسؤولية التقصيرية والضرر المستوجب للتعويض وتوقيع الجزاءات التأديبية من الجهات الرقابية.

لذا يجب على البنوك تصحيح مسارها في هذا الجانب وعلى العملاء معرفة حقوقهم واللجوء إلى القضاء والجهات الرقابية للحد من تلك الممارسات.