مبارك عليكم الشهر، قيل إن الكذب يكثر قبل الانتخابات وخلال الحرب وبعد الصيد، ونحن الآن في خضم معركة انتخابية لصيد الأصوات، لذا فحبال كذب المرشحين والساسة ممدودة لآخر مداها، ولا أظن يردعها شهر فضيل أو قيام ليل، وغالباً لن يستطيع تفكيك تشابكها وتخادمها، ومن ثم كشفها، إلا الزمن، خصوصاً أن مَنْ طالت حباله في مثل هذه الأيام زاد أمله.

إلا أن هناك حقائق في مواسم الانتخابات تكون أحياناً أسوأ من الكذب، فبعض الأكاذيب مكشوفة، ولا تنطلي إلا على ضعاف العقول، أو مَنْ يريد أن «يطوفها» في سبيل لقمة عيشه، لكن الحقائق الخادعة هي الأخطر، ومنها حين تكون كل مميزات المرشح التي يستخدمها لتسويق نفسه ويزايد بها على منافسيه هي نزاهته ونظافة ثوبه، و«ما تلحقه الشكة»، رغم أن نصاعة الثوب لا تعني بالضرورة الشرف والأمانة والاستقامة، بل قد تدل على قلة العمل والتجارب أو جودة مسحوق الغسيل، فمثله يصلح أمين صندوق جمعية لا مشرعاً، ومع ذلك فقد يكون فعلاً في معظم الحالات الرجل ذو الثوب الأبيض شريفاً ونزيهاً وأميناً، لكن هذا لا يستلزم أنه يملك مقومات السياسي الواعي، أو أي شيء آخر مفيد وجديد ليقدمه، مما قد يجعله عُرضة، في حال نجاحه، للانجرار وراء أي موجة أو تجمع أو تصعيد، لتعويض نقص الإمكانات، والحفاظ على الأضواء قدر الإمكان، أو أن يتفرغ ليصبح من هواة التصيد وتقديم الاقتراحات الشعبوية الساذجة، وزرع العراقيل التشريعية، فلا هو الذي يعرف يعمل، ولا يريد لغيره أن يعمل. نفهم تماماً أنه ليس مطلوباً منه ومن غيره تقديم برنامج عمل، وأن طبيعة العمل السياسي في الكويت فردية، ولا توجد أحزاب وإلى آخر المقطوعة، لكن على الأقل ليكن لديه أفكار أو آراء خاصة به، أو مشاريع قوانين أو تعديلات تشريعية أو انضباط انفعالي، وهذا أضعف الإيمان. أما الاكتفاء فقط بادعاءات مُحاربة الفساد، فلا أحد أصلاً يرفض محاربته، بمن فيهم معالي الفاسد شخصياً.

Ad

المفترض أساساً أن ثوب كل المرشحين أبيض وشفاف، بل وكل الناس خير وبركة لحين إثبات العكس، لذا «فعادي» جداً أن تكون محترماً ونظيفاً، لكنك لا تفهم ولا تستطيع تقديم شيء، فلا تفسِّر أو تفهم نقدنا عزيزي الناصع بأننا مدفوعون من الأشرار وأعداء النجاح، أو أنك شجرة مثمرة زادها الإحراق طيباً، لأن ذلك سيكون دليلاً آخر على قلة فهمك ودبرتك، وربما «ثوالتك»، فمتوسطو القدرات والإدراك هم فقط مَنْ يرون العالم لونين وفسطاطين، ويعتقدون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، ورأيهم هو أعلى سنام الحكمة، فإذا ناوي عزيزي تستمر تزايد علينا إلى الأبد بثوبك الأبيض لتفوز بالانتخابات، فأرجوك ياخي بوق وفكنا!