ها نحن من جديد نقتبس من الغرب الفكرة ونطبقها بشكل مغلوط، من المثير للسخرية أن نجد أنفسنا مستمتعين أمام بعض الغرباء بسماعات كبيرة، وميكروفونات غالية على طاولة فاخرة! يستمرون لساعات، في الحديث عن اللاشيء، بصوت هادئ وتمطيط ممل.
والرسالة التي لم يُفكَّر لها أصلا، تُمرر أمامنا عشرات الإعلانات والمقصودة في مقاطع بودكاست تروج لنفسها على أنها للمصلحة العامة هدفها إمتاع المشاهد وإفادته، لكن الحقيقة أنه يتم تقديم وقتنا وانتباهنا قُرباناً لمن يدفع أكثر!!
والنتيجة، انتشار مخيف بأعداد مهولة، مشاهدات بالملايين، ومداخيل خيالية، ودون أي اكتراث للفرق بين بقية أنواع الصوتيات مثل الإذاعة أو المقابلة، واستباحة مساحة كل هذه الأنواع بداعي البساطة وخلق تجارب استماع ممتعة، والضحية الأولى والأخيرة في هذا المشهد التراجيدي المأساوي، هو المتابع الذي يُطلب منه مواكبة هذه الموجة والمشاركة فيها راغباً أو مجبوراً.
لا نريد أن نكون أتباعاً كما خططوا هم! ولا نقبل أن يتم استغلالنا بغير وعي لبناء أمجاد الآخرين على حساب هدر وقتنا دون أي فائدة، كل المنصات أصبحت لا تقدم سوى الثرثرة!!
ختاماً، الميكرفون له مكانة عالية لدى أي إعلامي حقيقي!! وهو أخطر من أي أداة، ويصنف بأنه العمود الفقري للدولة وكيانها، لذا لا تشوه الساحة الإعلامية، كفى بودكاست!!