وافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة على مشروع قانون لحظر تطبيق التواصل الاجتماعي «تيك توك»، إذا لم يتم فصله عن الشركة الصينية المالكة له، في خطوة انتفضت عليها بكين واعتبرتها «ضمن ممارسات أميركية متغطرسة وستؤدي إلى نتائج عكسية». وصوت مجلس النواب الأميركي على حظر «تيك توك» إذا لم توافق شركة بايت دانس التي تمتلكه على بيعه بـ352 صوتاً مقابل 60 صوتا. ورغم المعارضة غير المتوقعة للرئيس السابق دونالد ترامب لهذه الخطوة، شدد النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن، ورئيس اللجنة المعنية بالحزب الشيوعي الصيني، مايك غالاغر على أن الكونغرس يرفض سيطرة شركات أجنبية على منصة الأخبار الأكثر انتشاراً بين الأميركيين تحت سن الثلاثين.

مخاوف أميركية

Ad

ويأتي هذا التصويت بعد أيام فقط من الكشف عن تقرير أعدته المخابرات الأميركية أكد أن «الصين تسعى لاستغلال انقسامات المجتمع الأميركي ومارست نفوذاً كبيراً، فقد استهدفت حسابات (تيك توك) مرشحين من كلا الحزبين خلال الانتخابات النصفية الأميركية في عام 2022».

ولا يثق الأميركيون بالتكنولوجيا التي قد تختارها الصين لجمع البيانات أو المراقبة أو التأثير، فقد قالت وزيرة التجارة جينا ريموندو إن واشنطن ستحتاج إلى «ضوابط وشروط صارمة حول السيارات الكهربائية الصينية»، مضيفة «في نهاية المطاف، يجب علينا حماية الشعب الأميركي من التهديد الذي تشكله الصين». ويمكن القانون الصيني وكالات الأمن من إجبار الشركات الخاضعة لولايتها القضائية على مشاركة المعلومات، وهي سلطة يقول المسؤولون الأميركيون إنها تزيد من خطر وصول المسؤولين الصينيين إلى البيانات التي تجمعها «بايت دانس» من خلال تطبيق «تيك توك».

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين إن «الولايات المتحدة لم تتوقف عن ملاحقة (تيك توك) منذ سنوات رغم أنها لم تجد أي دليل على أنه يشكل تهديدًا لأمنها القومي»، مشددا على أن حظر (تيك توك) «سيؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية على الولايات المتحدة نفسها».

وأكد وانغ أن المسؤولين الأميركيين «يفتعلون الأعذار» لمعارضة المصالح الصينية، مضيفا أن «تضخيم ما يسمى بالتهديد الصيني لأمن البيانات ليس سوى اختلاق أعذار لتبرير أعمال الولايات المتحدة لقمع الصين. نأمل أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات ملموسة لحماية بيئة أعمال مفتوحة وعادلة وغير تمييزية والعمل مع الآخرين لصياغة قواعد عالمية لأمن البيانات». ويأمل مسؤولو (تيك توك) أن يسقط مشروع الحظر في مجلس الشيوخ، حيث اعتبر السناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي، راند بول أن مشروع غالاغر بمثابة «إجراء صارم يخنق حرية التعبير ويضر الشركات الأميركية التي تستخدم (تيك توك)». وفي حين يربط الأميركيون (تيك توك) بالصين، إلا أن الشركة، التي يقع مقرها الرئيسي خارج الصين، تحافظ على مسافة استراتيجية من بكين، مؤكدة أن منصة (تيك توك) مخصصة منذ البداية للأسواق غير الصينية، وهي غير متوفرة في الصين، وانسحبت من هونغ كونغ في 2020 عندما فرضت بكين قانون الأمن القومي على الإقليم للحد من حرية التعبير.

ومع تزايد المخاوف المتعلقة بأمن البيانات في الولايات المتحدة، سعت (تيك توك) إلى طمأنة المشرعين بأن البيانات التي تم جمعها عن المستخدمين الأميركيين تبقى داخل الولايات المتحدة ولا يمكن لموظفي (بايت دانس) في بكين الوصول إليها.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة باكنيل، تشيكون تشو أن هذه أصعب فترة لشركات التكنولوجيا الصينية والشركات الخاصة منذ عقود مع تزايد التوتر والتنافس بين الولايات المتحدة والصين، مضيفاً أن «هذه الشركات تواجه ضغوطاً من الجانبين وهي تكافح من أجل البقاء».

ويوافق أليكس كابري، كبير المحاضرين في جامعة سنغافورة والباحث في مؤسسة هينريش، على أن شركات مثل (تيك توك) ذات الجذور الصينية «عالقة حقاً في قطبين متطرفين» بين الحزب الشيوعي القاسي والغرب المتشكك بشدة. وقال كابري «على أي شركة تكنولوجيا صينية أن تعمل تحت سحابة من الشك، وذلك بسبب الانهيار التام للثقة».

وفي عام 2018، اتبع مؤسس (بايت دانس)، تشانغ ييمينغ خط الحزب الشيوعي بعد أن أغلقت بكين تطبيق النكات الخاص بشركته، واعتذر علناً عن الانحرافات عن القيم الأساسية الاشتراكية، ووعد بـ «تصحيح الخوارزمية بشكل شامل» على تطبيق الأخبار وممارسة المزيد من الرقابة، وهي خطوة ضرورية لأي شركة للبقاء في الصين.