قبل 3 أشهر من الانتخابات الأوروبية، أكّدت نتائج الانتخابات التي جرت في البرتغال، أمس الأول، أن اليمين المتطرف آخذ في الصعود في جميع أنحاء القارة العجوز، كما أظهر الناخبون الإيطاليون والهولنديون، فقد أطاح اقتراع متقارب وشرس بالحزب الاشتراكي الحاكم (يسار الوسط) بعد 8 سنوات في السلطة لمصلحة التحالف الديموقراطي (يمين الوسط)، فيما حقق حزب تشيغا (كفى) اليميني المتطرف المناهض للنظام صعوداً. وكانت الدولة الواقعة في شبه الجزيرة الإيبيرية واحدة من الدول القليلة في أوروبا التي يقودها اليسار حتى مطلع نوفمبر، عندما استقال الاشتراكي أنطونيو كوستا، بعدما تولى السلطة لثماني سنوات، وتخلى عن الترشح لولاية أخرى بعد أن ورد اسمه في تحقيق بقضية استغلال نفوذ.

وفي نتائج شبه نهائية للاقتراع الذي دعي إلى المشاركة فيه نحو 10.8 ملايين ناخب مساء الأحد مع انتهاء فرز الأصوات، حصل التحالف الديموقراطي على 5. 29 في المئة من الأصوات، أي ما يقارب 79 مقعداً على الأقل في البرلمان المؤلف من 230 مقعداً، متقدماً بفارق ضئيل جداً على الحزب الاشتراكي الذي يمثل يسار الوسط، والذي حصل على 7. 28 في المئة، أي نحو 77 مقعداً.

Ad

وفي ظل نسبة مشاركة بلغت نحو 38 في المئة بحسب التقديرات، وهي الأدنى منذ 2005، تحسن أداء حزب تشيغا الذي يعود تأسيسه إلى خمس سنوات مضت، بقيادة أستاذ القانون والناقد الرياضي التلفزيوني السابق أندريه فينتورا، ما يزيد قليلاً على 7 في المئة من الأصوات في 2022 إلى نحو 18 في المئة في هذه الانتخابات.

وبذلك فإنه من المقرر أن يرتفع تمثيل الحزب في لشبونة من 12 إلى 46 مقعداً.

وأعلن لويس مونتينيغرو (51 عاماً)، زعيم التحالف الديموقراطي فوز حزبه في الانتخابات، في حين اعترف منافسه الاشتراكي بيدرو نونو سانتوس بالهزيمة، وأعلن أنه سينضم إلى المعارضة.

ويتحدى أداء تشيغا القوي سمعة البرتغال في أوروبا باعتبارها حصنا ضد التطرف اليميني، الذي حقق نجاحات قوية في أماكن أخرى من القارة.

وركز الشعبوي فنتورا، المعروف بهجماته المعادية للأجانب خصوصا الأقلية الغجرية، حملته الانتخابية على اتهام الحزبين الرئيسيين الوسطيين اللذين يتقاسمان السلطة منذ قيام النظام الديموقراطي، بأنهما «وجهان لعملة واحدة يجب محاربتهما».

ورحّب فنتورا مساء أمس الأول بـ«نتيجة تاريخية» لحزبه في الانتخابات، مؤكداً أنه «متوفر» لتقديم «حكومة مستقرة للبرتغال مع أغلبية يمينية قوية».

وعلى الرغم من إصلاح الموارد المالية العامة ونمو يفوق المتوسط الأوروبي وبطالة في أدنى مستوياتها، تضرر أداء الحكومة الاشتراكية بسبب التضخم والخلل في الخدمات الصحية والمدارس، إلى جانب أزمة سكن حادة. تضاف إلى ذلك فضائح فساد أدت في نهاية المطاف إلى سقوط كوستا، وتضاعف عدد المهاجرين في 5 سنوات، وهما موضوعان واعدان لليمين المتطرف.

ومن المرجح أن يكون أمر تشكيل الحكومة صعباً، حيث استبعد مونتينغرو تشكيل حكومة ائتلافية يمينية تضم «تشيغا». وعلاوة على ذلك، فإنه يعتقد أن تشكيل حكومة ائتلافية تضم يمين ويسار الوسط من المستحيلات في البرتغال، حيث ينظر إلى خلافات الحزبين اللذين تداولا السلطة منذ سقوط الفاشية العسكرية بأنه لا يمكن التغلب عليها. ونظراً للمسار المتوتر في المستقبل، يتوقع العديد من المراقبين حدوث جمود سياسي، وإجراء انتخابات جديدة في الصيف.