يقف مستثمرو القطاع الصناعي في الكويت بحالة من الحيرة والتعجب لواقع الحال، التي آل إليها القطاع من جهة التحديات والضغوط، التي تزداد على حساب عوامل التشجيع والتحفيز أسوة بكل دول العالم، لا سيما دول المنطقة الأقرب للكويت.

Ad

فعلى الرغم من الحوافز التي تمنح للمنشآت الصناعية الكويتية، فإن بيئة أداء الأعمال في الكويت هي الأصعب خليجياً، مما يعني أن الحوافز للقطاع الصناعي لا يمكن الاستفادة منها عملياً، في وقت تشير التقارير التي تصدر دورياً بخصوص سهولة أداء الأعمال أن الكويت تحل في مرتبة متأخرة خليجياً.

وأرقام القطاع الصناعي مثمرة ومبشرة وربما يحتاج القطاع إلى «الاستماع» لأهل التخصص وأصحاب المهنة الحقيقيين من أصحاب الاستثمارات القائمة الطامحين لبناء قطاع قوي يعزز من قوة الاقتصاد الكويتي.

وتنشر «الجريدة» تفاصيل ورقة عمل أعدها اتحاد الصناعات الكويتية تلخص بالأرقام واقع القطاع الصناعي ومستقبله وتشخص العقبات والحلول والموضوعة وضعت أمام الجهات الرسمية.

رقمياً لا يمكن إلا تأكيد أن القطاع الصناعي الكويتي يمثل محور ارتكاز وضلعاً اقتصادياً مهماً فقد حققت الصادرات الصناعية الكويتية بالرغم من حجم المعوقات بما قيمته نحو 4.8 مليارات دينار في عام 2019 تراجعت إلى 3 مليارات في 2020 بسبب إغلاقات جائحة كورونا، وشكلت الصادرات الصناعية الكويتية عام 2021 نحو 29.2% بما يعادل 5.8 مليارات من إجمالي الصادرات الكلية لدولة الكويت التي سجلت في العام ذاته 20 مليارا.

وحقق قطاع الصناعات التحويلية قيمة مضافة اجمالية بلغت 2.95 مليار دينار بالأسعار الثابتة عام 2019 بمعدل نمو تراكمي بلغ 7.1% من عام 2015 حتى 2019.

وشكلت مساهمة الصناعة التحويلية 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019، في حين تم تقدير القيمة المضافة من الصناعة التحويلية 2.51 مليار في 2022 بعد التعافي الجزئي من جائحة كورونا.

توزيع الاستثمار الصناعي

ووفق اتحاد الصناعات، يتركز الاستثمار في قطاع الصناعة التحويلية في القطاعات المتعلقة بالنفط والغاز، وتشكل قطاعات الكيماويات والبتروكيماويات وتكرير النفط مجتمعة حوالي 42.5 من إجمالي الاستثمار في القطاع الصناعي.

ويصنف قطاع مواد البناء في المرتبة الثالثة من خلال استثمارات كبيرة في مصانع الأسمنت.

ويحتوي السوق الكويتي على قاعدة كبيرة من المصانع في قطاعات متنوعة وفرعية تضم الأغذية والمشروبات والمعادن المشكلة والبلاستيك، ومع ذلك، فإن هذه القطاعات الفرعية تهيمن عليها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم فإن حصتها صغيرة من إجمالي الاستثمار، على الرغم من وجود عدد كبير من المصانع.

وأضاف الاتحاد أن قيمة الاستثمارات في القطاع الصناعي تقدر بنحو 7.385 مليارات دينار يمثل قطاع الأدوية منها 1% بالرغم من الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع والتي لا تحتاج إلى تأكيد أو إثبات فيما تمثل الاستثمارات في الأغذية 4.6% وهي من أهم القطاعات الاستراتيجية التي تحتاج إلى توسعات واستثمارات ضخمة لكن يتوجب أولاً توفير البيئة المناسبة والتشريعات التي تحمي الصناعة الكويتية وتضمن لها النمو والازدهار وتحميها من التقلبات التشريعية والتضارب في القوانين والإغراق وهدر حقها في الأولوية كمنتج محلي وطني.

الأداء الصناعي

في عام 2020 احتلت الكويت المرتبة السادسة بين دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي، وجاءت دولة الإمارات فقط في أعلى متوسط على مستوى الخليج وحتى المستوى العالمي.

في الوقت نفسه تفتقر الكويت إلى الأداء الصناعي التنافسي بشكل رئيسي لإحداث التأثير العالمي، حيث إن منتجاتها الصناعية محدودة من حيث التنوع ومستوى التصدير.

ومن واقع الرصد وأرقام القطاع الصناعي الكويتي، فإن أداء الكويت في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي لا يلبي التطلعات، ولا يعكس أو يتماشى مع الريادة الكويتية في هذا القطاع كأول دولة خليجية كان لها الأسبقية في إنشاء مدينة صناعية كما أن الحال الصناعي لا يتطابق أو يعكس واقع وإمكانات القطاع الحقيقية والحوافز التي تقدم للقطاع أو التي يستحقها.

تساؤلات للحكومة

ويقف القطاع الصناعي الكويتي على مفترق طرق وتحدّ كبير ما بين الانطلاقة نحو مستهدفات الاستراتيجية الصناعية 2035 وبين العوائق والتحديات والعقبات التي تتولد بشكل مستمر وزيادة معاناة الصناعيين، وكان آخر ضربة وجهت للقطاع إلغاء الأفضلية للمنتجات المحلية على المنتجات الخليجية في المناقصات الحكومية.

وتعتبر أرقام مستهدفات الاستراتيجية الصناعية واعدة ومبشرة والأكثر من ذلك أنها وردية، لكن هل يمكن تحقيقها أم أنها ستبقى حبراً على ورق؟

فبالأرقام هناك طموحات كبيرة لتحقيق نسبة نمو سنوي مركّب على صعيد القيمة المضافة للصناعات التحويلية والقفز بها من مستوى 2.5 مليار دينار كما في 2022 إلى 5.25 مليارات في 2035، وتحقيق تنويع في الصناعة التحويلية بتحسن نسبي يبلغ 8.7% على أن يكون التحسن في القطاعات غير الهيدروكربونية لتقفز من مستوى 19.9% الى 28.6% بحلول 2035، ومن أهم وأبرز التطلعات، مضاعفة وزيادة حجم الصادرات غير النفطية من مستوى 5.8 مليارات دينار إلى 10.8 مليارات بتحقيق معدل نمو سنوي مركّب يبلغ 4.5%.

أيضاً الدخول بقوة في إنشاء الصناعات المعرفية لتصبح نسبتها 35% علماً بأنه لا يوجد رقم أساس للمقارنة عام 2022.

وأيضاً تبني ممارسات التصنيع الأخضر والوصول إلى نسبة 77.5% بدلاً من النسبة البالغة 50% كما في 2020، وتبني سياسات التسريع في عملية التحول نحو التصنيع الذكي ليصل الى 75% وصولاً إلى تعزيز مساهمة القطاع الخاص «الاستثمارات الصناعية»، لترتفع من مستووى 38.6% الى 54.8% بنسبة نمو سنوي مركب يبلغ 3.5%، ورفع وجذب القوى العاملة الوطنية من مستوى 8.2% كما في 2022 الى 15% بمستوى زيادة في عدد العمالة الوطنية بنحو 19.5 ألف وظيفة.

والعمل على زيادة إنتاجية القوى العاملة بمعدل تحسن نسبي يبلغ 35.7% مع السعي نحو تقديم الكويت كوجهة للاستثمارات الصناعية بتحسين كل الإجراءات وفق مؤشر الأداء الصناعي التنافسي ومؤشر سهولة أداء الأعمال أو المؤشر الموازي من البنك الدولي.

ضروريات وأولويات

شددت ورقة العمل الصناعية التي تم إعدادها لرسم مستقبل القطاع الصناعي وتحديد المعوقات والعقبات ووضع الأرقام أمام الدوائر الرسمية لمساعدتها في اتخاذ القرار، على أن تطوير الصادرات وحفظ تنافسية المنتج الكويتي يعتبران من الأولويات والضروريات وأمراً بالغ الأهمية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، إذ تعتبر عملية تعزيز المنتج الكويتي مفتاحاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر تطويرالقدرات الصناعية والزراعية المحلية التي تلبي احتياجات الدولة الأساسية من المنتجات والخدمات وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وهذا الأمر يعزز من استقلالية البلاد ويقلل من تبعية الاقتصاد الكويتي للأسواق العالمية وتقلباتها، كما سيسهم المنتج المحلي الكويتي في تعزيز وتحقيق النمو الاقتصادي، فوفقاً لمعادلة بسيطة عندما يتم دعم الصناعات المحلية وتشجيع إنتاج المنتجات المحلية سيرتفع الطلب المحلي على هذه المنتجات، بالتالي يتم تعزيز الأعمال التجارية وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاستثمارات المحلية، كما سيسهم المنتج الكويتي في تحسين التوازن التجاري بدلاً من الاعتماد على الاستيراد الذي من أضراره عدم تعزيز الهوية الوطنية والثقافية.

توصيات

دعت الورقة الصناعية إلى جملة توصيات ضرورية، أهمها العمل على ما يلي:

1- تطبيق برنامج محتوى محلي كويتي، حيث إن الكويت الوحيدة على مستوى دول مجلس التعاون التي ليس لديها برنامج للمحتوى المحلي.

2- استقلالية الهيئة العامة للصناعة الجهة الوحيدة التي يتعامل معها الصناعيون.

3- الإسراع في توفير الأراضي والمدن الصناعية بشكل أفضل من الوتيرة الحالية «الشدادية - النعايم - الشقايا».

4- الترشيد الراشد للدعومات والحوافز.

5- وضع معايير صارمة لآلية الحصول على الحوافز

6- وضع نظام قائم على أن تكون الحوافز مبنية على الأداء.

برامج الاستراتيجية الصناعية

وضعت الكويت طريقاً طموحاً نحو تنفيذ الاسترانيجية الصناعة الوطنية 2035 وفق 8 مسارات أساسية أهمها:

1- العمليات الحكومية: تطوير التنظيم الإداري للهيئة العامة للصناعة، وتطوير الإدارات الحكومية وتحديث المنظومة التشريعية وتوفير وتنظيم المعلومات الصناعية.

2- الاستثمار الصناعي: ويشتمل على تطوير برامج التمويل وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

3- الاستدامة الصناعية: وترتكز على تبني الاقتصاد الدائري والتدوير ومراعاة تقليل الانبعاثات الكربونية، مع التركيز على ترشيد استهلاك الموارد وزيادة استدامة الطاقة البديلة ورفع زيادة الوعي بتأثير الصناعة على البيئة.

4- تنافسية المنتج الكويتي: ويقوم تلك المسار على تطوير البنية التحتية للجودة، وتعزيز أولوية المنتج الكويتي محليا ودعم الصادرات الصناعية.

5- البنية التحتية للصناعة: استمرارية انشاء المناطق والتجمعات الصناعية ودعم الخدمات المساندة المشتركة وتطوير الخدمات اللوجستية.

6- التقنيات الصناعية: وسيتم فيها تعزيز استخدام البحث والتطوير والابتكار لتنمية الصناعة. ثم التحول لتطبيق الثورة الصناعية الرابعة.

7- القوى العاملة الماهرة: وضع برنامج طموح لجذب وتأهيل القوى العاملة الوطنية واستقطاب المهارات الأجنبية المحترفة لنقل الخبرات.

8- القطاعات ذات الأولوية: تطوير الممكنات الخاصة بالقطاعات ذات الأولوية، وتقديم فرص الاستثمار الخاصة بالقطاعات ذات الأولوية.

مطالبات مصيرية

ترتكز الاستراتيجية الصناعية الوطنية لدولة الكويت على جملة معطيات مطلوب ترجمتها من الدولة، من أهمها ما يلي:

1- تقليل تكلفة التصدير من خلال تقليل التكاليف الكلية لعملية التصدير للمنتجات الصناعية، عبر تقليل كلفة إجراءات التصدير والشحن وتأمين الصادرات وتقليل تكاليف التصدير للمنتجات الكويتية لتتوافق مع تكاليف التصدير في دول مجلس التعاون قبل نهاية 2027.

2- ضرورة توظيف الاتفاقيات الدولية لفتح الأسواق للمنتجات الكويتية واستخدام الاتفاقيات الدولية القائمة وعقد اتفاقيات جديدة لفتح منافذ حديثة وأسواق جديدة امام المنتجات الكويتية مع العمل المستمر عل ىمضاعفة عمل المنتجات الكويتية المصدرة والأسواق التي تستورد المنتجات الكويتية، وذلك قبل نهاية 2030.

3- تبني برامج وسياسات تستهدف الترويج للمنتجات الكويتية في الأسواق العالمية واستخدام أدوات التسويق والترويج الحديثة والمعادلة لزيادة صادرات المنتجات الكويتية من خلال علامة الجودة والوجود الخارجي الفعال لتمثيل المنتج الكويتي وتحسين نظرة الأسواق الخارجية للمنتجات الكويتية بنسبة 50% قبل نهاية عام 2030.