«الهوى الهوان» مثل قاله رجل من بني ضبة يقال له أسعد بن قيس واصفاً فيه الحب قائلاً: هو أظهر من يُخفى، وأخفى من أن يُرى، فهو كامن كُمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى، وإن «الهوى الهوان»، ولكن غُلِط باسمه، وإنما يَعرف ما أقول من أبكته المنازل والطُلول، فذهب ما قاله مثلا.

حقيقة وصف بليغ، خرج من قلب عاشق ولهان، أكمله لسان الشاعر سعيد بن أحمد البوسعيدي، من العصر العثماني، فقال:

يا مـن هــــــــــواه أعــــــــزه وأذلــــني كيــف السبــــــيل إلى وصــــالك دلني
Ad


وتركتني حيران صباً هائماً أرعى النجوم وأنت في نوم هني

وهناك قصة مشهورة رواها الشاعر العربي عبدالملك الأصمعي، أحد أئمة الشعر والأدب واللغة، كان الأصمعي يحب التجوال، فبدأ الأمر عندما مرّ بصخرةٍ أثناء تجوّله في إحدى البوادي، فلاحظ هذه الأبيات المنقوشة عليها:

أيا معشر العشّاق بالله خبروا إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنع؟

فنقش الأصمعي بيت الشعر هذا على الصخرة نفسها قائلا:

يُداري هــــــــــــواه ثـــم يكتــــــم ســـــــــره ويخشع في كل الأمور ويخضع

وفي اليوم التالي رجع الأصمعي إلى الصخرة نفسها ليرى نقشا عليها ردا على قوله:

وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كــــل يــــــــومٍ قلبــــــه يتــــقطـــع؟

فنقش الأصمعي هذا الرد:

إذا لم يجد صبرا لكتمان أمره فليس له شيء سوى الموت ينفع

عاد الأصمعي بعد أيام إلى الصخرة ليرى ما سيكون الرد على ما نقشه، ليجد الشاب العاشق وقد قتل نفسه عند الصخرة آخذا بنصيحة الأصمعي، وقد كتب قبل انتحاره هذين البيتين:

سمعنا أطعنا ثم متنا فبلّغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع

هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع

تنهد الأصمعي وقال: والله أنا قتلته. ولا يزال المطربون يتغنون بكلا القصيدتين حتى يومنا هذا.

ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.