من جديد (إن كان ذلك جديداً) في الأيام المقبلة، سنشهد إجراء انتخابات برلمانية لمجلس الأمة الكويتي، وهو حق يناله كل مواطن يتمتع بفكر هادف ولديه مشروع وطني يخدم البلاد والعباد، ومن الطبيعي أن يبدأ السباق البرلماني ويتنافس فيه كل من لديه نية الترشح بعرض برنامجه الانتخابي على ناخبيه.

ومن المرجح أن تكون الانتخابات القادمة خالية من الندوات، ومحصورة بالسوشال ميديا والزيارات الميدانية فقط، وذلك لتزامن وقتها بدخول شهر رمضان الكريم، حيث ينغمس الناس في حالة روحانية وينصرفون عن الانشغالات السياسية.

Ad

إذاً، ما المعيار السياسي النموذجي لاختيار ممثل الأمة، لا سيما أنك أمام شعب واعٍ سياسياً، اكتسب نضجه وحكمته بعد خوضه تجارب حافلة منذ بدء مسيرة الحياة الديموقراطية في دولة الكويت؟

ونستشهد في هذه المناسبة بالبيت الشهير لأبي فراس الحمداني:

«لقد زدتُ بالأيامِ والناسِ خبرةً

وجربتُ حتى هذبتني التجاربُ»

نجد أن من كانت له تجربة انتخابية سابقة تكللت بإنجازات ناجحة وبرنامج إصلاحي ملموس فرصته أقوى لمزاولة عمله البرلماني، ويكفيك الاطلاع على أدائه السياسي السابق وقراءة ما قدمه من اقتراحات وقوانين ليكون الحكم الذاتي لديك، وبطبيعة الحال هذا الرأي لا ينفي من لم يسبق له تلك التجربة.

وأَولى من يطرح اسمه لهذا التكليف الصادق للناس هو من يحمل على عاتقه همومهم ويحقق طموحاتهم، يكون صاحب رؤى صادقة ومشروع يترجم على أرض الواقع كل الاقتراحات القانونية والتشريعية التي تصب في المصلحة العامة، وهذا هو لب العمل البرلماني السليم، وبتلك المبادئ والقيم يصبح مساره صحيحاً، غير أن هنالك ممارسات مضادة بالسابق شوهت المشهد السياسي، الأمر الذي أبرز دور النائب الخدماتي وجعله مؤثراً في المجتمع بتلك الفترة.

وعلى الأغلب، كان ذلك التشويه السابق برعاية متنفذين كبار ومباركة حكومية غير مدركة لمستوى النضج السياسي للشعب، ويجوز القول إن تغيير الحكومة لهذا المشهد جاء لعدم توافقها مع نواب المعارضة حتى قامت بمصادرة الفرص منهم لبناء قواعد انتخابية جديدة، ولا تغيب هذه الاستنتاجات عن ذهن «المواطن الصاحي».

وأخيراً ومن زاوية اجتماعية، يجب على الناخب الواعي أن يتحلى بالحكمة والحنكة، وألا ينجرف في دوامة المهاترات التي تشتد أثناء فترة الانتخابات، كما يتعين عليه أن يذكّر نفسه دائماً بأن الكويت أمة مترابطة ومتجانسة بشرائحها وفئاتها كافة، وينأى بنفسه عن كل ما من شأنه أن يمزق النسيج الاجتماعي قبل الانتخابات وبعدها.

وفي النهاية المعادلة سهلة لمن أراد: «اختر بقناعة سياسية وبلا خسارة اجتماعية».