تلقيت دعوة في عام 2013 من الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الكويت للمشاركة في إعداد وثيقة البرنامج الوطني لمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التي على أساسها ستوجه عمل المكتب في السنوات الخمس القادمة لدعم جهود دولة الكويت في تحقيق أهداف خططها التنموية، وقد شاركت في جلسة تشاورية خاصة بحوكمة مؤسسات القطاع العام والتحديات التي تواجهها والتدخلات المطلوبة لمواجهة هذه التحديات، من خلال المحاور الثلاثة المرتبطة بإصلاح القطاع العام والمعرفة والتكنولوجيا والابتكار، والعدل والتشريع، وقمت حينها بتقديم 20 توصية، ما زلت متمسكاً بها بعد مرور 11 عاماً على طرحها وعدم تطبيق أي منها!!

فإليكم عشرين توصية أممية إنمائية:

Ad

1- الدعم المستمر من القيادة العليا لتبني الإصلاحات في القطاع العام من خلال اعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة والإبداع في تعيينات القياديين.

2- الاستثمار في الموارد البشرية وجودة التعليم الذي هو أساس التنمية ومن الدعائم الرئيسة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لأي خطة تنموية على مستوى الدولة أو المؤسسة.

3- التخلص من جميع العوائق والمحسوبيات الاجتماعية والسياسية المؤثرة على مسيرة التنمية الشاملة من خلال التوعية في المؤتمرات ووسائل الإعلام والمناهج الدراسية وغيرها.

4- اتخاذ القرارات على أسس صحيحة مبنية على المعلومات الدقيقة والمؤشرات والمعطيات العلمية والأفكار الجديدة.

5- تشجيع الإبداع والابتكارات وتطبيقها في بيئة العمل في المؤسسات الحكومية لتخفيض التكاليف وتعزيز الإنتاجية وتحسين الخدمات.

6- الاهتمام بقادة التغيير ومكتشفي المواهب ووضعهم في المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية كي يعززوا فيها ثقافة الإبداع والجودة لأنهم سيساهمون في اكتشاف المواهب في المؤسسة، لأننا نؤمن أن اكتشاف الموهبة تتطلب موهبة.

7- توثيق أفكار وابتكارات وخبرات الموظفين قبل إحالتهم إلى التقاعد، وإنشاء مكتب لرعاية شؤونهم والتواصل معهم وإعادة تأهيلهم لأن خبراتهم تعد مصدراً من مصادر الخبرة والمعرفة المهنية للمؤسسة الحكومية.

8- إنشاء فريق أو قسم للإبداع يتبع الإدارة العليا للمؤسسة يقوم باكتشاف المواهب والإبداعات ويجمع أفكارهم المبتكرة لتوثيقها ودراسة جدواها وعرضها على الإدارة العليا لدعمها وتطبيقها على أرض الواقع، وهذه الخطوة ستظهر جدية المؤسسة في الاستثمار في الموارد البشرية مما سيشجع الموظفين في إظهار إبداعاتهم وأفكارهم المبتكرة التي تقود الى تحسين بيئة العمل باستمرار ورفع الإنتاجية وتخفيض التكاليف وتنمية الإيرادات لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة الحكومية.

9- توثيق إجراءات العمل والوصف الوظيفي في كل مؤسسات الدولة، تمهيدا لتحسينها وميكنتها من خلال مشروع الحكومة الإلكترونية.

10- إدارة المخاطر وتقليل الخسائر من خلال الرقابة والمحاسبة والشفافية والحوكمة ورقابة الأداء وتقويمه لضمان تنفيذ خدمات ومشاريع الدولة ضمن إطار زمني محدد، وجودة عالية وأهداف وميزانية محددة من دون هدر وبعيداً عن الفساد المالي والإداري.

11- تعزيز الولاء والانتماء الوطني ودولة المؤسسات وتطبيق القانون على الجميع لتحقيق العدالة المجتمعية، بعيداً عن التعصب والمحاصصة الطائفية والقبلية والعائلية والحزبية والطبقية.

12- توفير تعليم أساسي ذي جودة عالية، وجامعات مرموقة، وعلوم وتكنولوجيا، ومبان خضراء واقتصاد معرفي يلبي حاجة سوق العمل المحلي والإقليمي.

13- وضع خطة تنمية حقيقية وواقعية ومترابطة ومحكمة وذات أولويات واضحة وقائمة على تنوع مصادر الدخل وخلق فرص عمل للشباب من خلال تحفيز وتنشيط جميع قطاعات البلد النفطية والمالية والاستثمارية والعقارية والسياحية والعلمية والثقافية والصناعية والإسكانية والرياضية والاجتماعية والسياسية، حتى تتوافر لدينا إجابات إذا سألنا أنفسنا: أين نحن الآن؟ وأين سنكون في المستقبل؟ وكيف؟ وذلك من خلال:

أ: التركيز أكثر على المكونات الأساسية للتنمية، كالتعليم والمعرفة والصحة والتنمية البشرية وإشراك شرائح المجتمع كافة.

ب: تهيئة أجواء التنمية من خلال توفير المتطلبات والخطط والقوانين، وتأهيل قطاعات الأعمال المختلفة بالشراكة مع شركات القطاع الخاص ذات الأداء المتميز.

ج: إزالة كل المعوقات لتفادي المخاطر والتبعات الناجمة عن التأخر في تطبيق خطة التنمية، واستغلال عامل الوقت.

د: مراقبة وقياس وتقييم التقدم الفعلي للإنجاز حتى نحقق التنمية الشاملة والمستدامة، بعد أن سبقتنا معظم الدول الشقيقة والصديقة.

14- يمكننا أن نحول الكويت الى مركز تعليمي إقليمي من خلال استغلال مكانتها العلمية المرموقة على المستويين العربي والدولي، فمنها انطلقت أول جامعة وأول مدرسة وأول مكتبة وأول معرض للكتاب على مستوى الخليج، والكويت فيها عدد كبير من المثقفين والمتخصصين من أبنائها في مختلف المجالات، مما يؤهلها للقيام بدور المركز التعليمي في المنطقة من خلال الخطوات التالية:

أ: إنشاء جامعات حكومية وخاصة تلبّي احتياجات سوق العمل في القطاعين العام والخاص.

ب: إنشاء برامج ماجستير ودكتوراه في مختلف المجالات، لتمكين شريحة من الموظفين الراغبين في تكملة دراساتهم العليا من دون التغيب عن الوظيفة لدواعي السفر للالتحاق بجامعات الدول المجاورة، مع الاهتمام بخبراتهم وتوثيقها من خلال إدارة المعرفة.

ج: رصد أعداد الطلبة الموظفين الدارسين في الخارج (أكثر من 60 ألفاً) مع تخصصاتهم لإلزام مقدمي طلبات الجامعات الخاصة بتوفير هذه التخصصات في الكويت كشرط للموافقة على الترخيص من قبل التعليم العالي.

هـ: ربط الدرجات الوظيفية بالشهادة والدورات المهنية والاختبارات بجانب سنوات الخبرة ومؤهلات أخرى والمقابلة الشخصية، وإنشاء مركز معلومات لحفظ الخبرات العملية ونقلها للموظفين في مختلف قطاعات البلد.

و: إنشاء جامعات متخصصة فيما تتميز به الكويت وتزخر به من علماء ومفكرين من علوم فلكية، وملاحة بحرية، وبنوك تقليدية وإسلامية رائدة، وصحافة وإعلام، وصناعة نفطية ورياضية وغير ذلك من التخصصات التي تتميز بها الكويت.

ز: تطوير علاقة قوية وشراكة علمية ومهنية بين القطاعين الخاص والعام مع الجامعات والمؤسسات العلمية في الكويت، بهدف إثراء البحث العلمي والاهتمام بمخرجاته من إبداعات واختراعات.

ح: إنشاء منظومة التعليم من خلال توقيع اتفاقيات شراكة وتبادل الخبرات مع كل المؤسسات التعليمية والبحث العلمي في الدولة، كمؤسسة التقدم العلمي، و«التطبيقي»، والجامعات الحكومية والخاصة، ومعهد الأبحاث، وغير ذلك.

ك: زيادة البعثات الدراسية الداخلية والخارجية ضمن خطة استراتيجية مع الرقابة والمتابعة لضمان جودة التعليم في الجامعات التي تستقبل طلبتنا في الداخل والخارج، وزيادة حصة التعليم في خطة التنمية

ل: تطبيق معايير الجودة في مدارس التعليم الأساسي وإجراء الاختبارات لكل مرحلة مع التطوير المستمر للمعلم والمناهج والادارة، مع تعديل القوانين واللوائح ذات الصلة.

م- توفير جميع التخصصات النادرة في المجالين الصناعي والتكنولوجي، وتفعيل دور البحث العلمي وربط نتائجه وتطبيقاته باحتياجات الدولة في مجال الطاقة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.

ن- دمج مهارات البحث العلمي في كل مراحل التعليم وتشجيع الطلبة على البحث والمطالعة والعصف الذهني أثناء المحاضرة، وإعداد برنامج تعليمي تطبيقي خاص مبني على أسس البحث العلمي يستقطب النخبة من الطلبة المتفوقين والمبدعين والمخترعين.

س- وضع قائمة بأفضل عشر مدارس خاصة، من حيث الأداء والجودة ومتابعة الجامعات المرموقة التي يلتحق بها طلبتها، بهدف دعمها والاستعانة بها كنماذج لتطوير التعليم الأساسي في مختلف المناطق بالكويت.

ف- استقطاب أفضل الجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية وإنشاء المكتبات الرقمية في مختلف الجهات والمحافظات ومحو الأمية التكنولوجية في المجتمع.

ص- عقد اجتماعات دورية بين ديوان الخدمة المدنية والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والبحث العلمي لتقييم برامج التعليم ومخرجاته بهدف الوقوف على متطلبات سوق العمل.

15- الاهتمام بالقطاع الرياضي من خلال تطبيق الاحتراف والاستحواذ على أندية عالمية لتسويق الكويت دولياً.

16- إنشاء هيئة عامة مستقلة للمواصفات والجودة تقوم على توحيد المقاييس واجراءات العمل لضمان جودة الخدمات والمنتجات.

17- تطبيق المعايير الدولية لإدارة وتقييم كفاءة المشروع على كل مشاريع الدولة بما فيها مراحل تنفيذ مشاريع التنمية (التأسيس، التخطيط، التنفيذ، الرقابة والتحكم، الإنهاء) لضمان عدم توقف المشاريع.

18- نشر الوعي التنموي وثقافة التغيير بين المواطنين والموظفين وتوفير العدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار للمواطن.

19- نشر ثقافة إدارة المخاطر في المؤسسة من خلال عقد المحاضرات والندوات والدورات وورش العمل للموظفين كافة على مختلف المستويات الإدارية، وتفعيل دور الأنظمة الرقابية وإدارات التدقيق الداخلي والحوكمة في المنشأة لضمان وجود نظام رقابي ذي كفاءة عالية في المؤسسات الحكومية.

20- إنشاء إدارة أو وحدة للمخاطر في المؤسسة وجعلها عاملا رئيسا في اتخاذ القرارات ذات المخاطر العالية وجزءا لا يتجزأ من منظومة العمل في المؤسسة، بحيث تعتمد على الدقة ومبدأ الشفافية والإفصاح في البيانات المالية والخطط الاستراتيجية، وترفع تقارير عن المخاطر ودرجاتها الى الإدارة العليا بهدف تقليص الخسائر الناجمة عن القرارات غير المدروسة في المؤسسة الخاصة أو الحكومية مما يعزز فرص التنمية الحقيقية الخالية من المخاطر العالية.

كنا نأمل منذ 2013 أن تندرج هذه التوصيات الأممية الإنمائية في برامج عمل الحكومات السابقة واللاحقة، وأن تتم متابعة نتائجها بدلاً من تعمق الفجوة بينها، لكننا مستمرون في التفاؤل ونتطلع دائماً إلى مؤشرات فعلية للإنجاز، فهل سيشهد عام 2024 تكامل البرنامج الحكومي الإنشائي مع البرنامج الأممي الإنمائي؟