تداولت وسائل التواصل قبل أيام إحصائية تبين أن عدد مدرسي بعض التخصصات كالتربية البدنية والتربية الإسلامية يتجاوز الآلاف، بينما عددهم في تخصصات أخرى كالفيزياء والكيمياء 11 و29 على التوالي، وهذا يؤكد خطأ وخطورة سياسة التعليم والتوظيف في الدولة، ورغم الاقتراحات والتوصيات التي حاولت علاج هذا الخطأ قبل سنوات، إلا أن الاعتماد على سياسة الإرضاء والشعبوية وإغماض العين عن المستقبل كان هو السائد.

ففي مجلس 1992 قدمت اللجنة التشريعية تقريراً شاملاً طالبت فيه بالتنسيق بين حاجات العمل ومخرجات التعليم، ولكنه لم ينفذ، وفي مجلس التخطيط تشكلت لجنة خاصة لهذا الموضوع عام 2015، واستضافت السيد عبدالعزيز الزبن رئيس الخدمة المدنية الذي قدم إحصائية مخيفة أكدت وجود فائض كبير في تخصصات كثيرة وأن توظيفهم في المستقبل سيكون متعذراً أو سيتأخر كثيراً (وهذا مُشاهَد اليوم)، ولكن لم يتغير شيء لأن الرغبات الشعبوية كانت أقوى من التفكير السليم، كما أقرت الحكومة بضغوط شعبوية وبرلمانية كوادر خاصة لبعض الجهات أدت إلى تفاوت كبير في رواتب بعض التخصصات، وكذلك أقر مجلس الأمة كادر المعلمين رغم رفض الحكومة فتفاقم الوضع حتى وصل إلى ما وصل إليه في تناقض ظاهر بين الشعارات الشعبوية والإنجازات العملية المفيدة، وبين نشوة البطولات الوهمية وبين الواقع الذي بينت الإحصاءات سوءه وخطورته.

Ad

وإذا استمرت تخمة الحكومة بالوظائف الفائضة واستمرت الحاجة إلى العمالة الوافدة فسوف يستحيل تعديل التركيبة السكانية، وسوف تُظهر الإحصائيات، لا إحصائية واحدة، العجز والحاجة إلى التخصصات الضرورية مثل التمريض والمهن الفنية والتكنولوجية في كل مجال وغيرها من الأعمال المهمة واليدوية التي تُسند اليوم إلى الشركات والوافدين، كما ستبين هذه الإحصائيات الفائض الهائل والزيادة المتسارعة في التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل التي ستتكدس في الحكومة وستتجاوز كلفتها كل الدخل النفطي وغير النفطي.

باختصار الوضع الحالي يكرس المثل العربي القديم «جنت على نفسها براقش»، والخوف كل الخوف أن تستمر براقش في الجناية على الكويت.