تتغير توجهات المستثمرين بين الحين والآخر نحو الاستثمار في القطاعات المختلفة بالسوق العقاري بحسب الظروف والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما السياسية، سواء المحلية أو الإقليمية.

وشهد القطاع العقاري خلال السنوات الماضية العديد من المتغيرات الكبيرة في نمو ونشاط قطاعات معينة، كما الحال في القطاع السكني والصناعي، وركودَ نسب الإشغال وتراجعها في قطاعات أخرى، وكان على رأسها القطاع الاستثماري، الذي شهد تراجع الطلب من المستثمرين وانخفاض الإشغالات والأسعار.

Ad

وكانت هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع الطلب على العقار الاستثماري، منها رفع تعرفتي الكهرباء والماء عام 2017، إضافة إلى التشدد بمنح سمات الدخول و»كروت» الزيارة لعوائل العمالة الوافدة، الفئة الرئيسية المشغلة لهذا القطاع، كما كان لتوجه الدولة نحو تعديل التركيبة السكانية الأثر على نسب إشغال القطاع بالتالي تأثرت القيم الإيجارية والأسعار في نهاية المطاف.

وتوجه العديد من مستثمري هذا القطاع نحو الاستثمار في القطاع السكني، خصوصاً بعد استثنائه من قرار رفع تعرفتي الكهرباء والماء، مما شهد ارتفاعات سعرية كبيرة طيلة السنوات الماضية.

لكن هذه الحالة لم تستمر، فقد شهدت الفترات الأخيرة إقرار قوانين من مجلس الأمة للمحافظة على العقار السكني من المضاربين والمستثمرين، منها إلغاء الوكالة العقارية ومنع احتكار الأراضي، عن طريق فرض رسوم سنوية بقيمة 10 دنانير على كل متر يزيد على مساحة 1500 متر مربع، بالإضافة إلى إقرار قوانين تهدف إلى تسريع وتيرة بناء المساكن لمستحقي الرعاية السكنية.

كما أن هناك توجهاً نحو فرض رسوم أو رفع دعم الكهرباء والماء على من يملك أكثر من منزل أو منزلين، وأيضاً قانون الرهن العقاري، الذي سيساهم في حل مشكلة السيولة التي يحتاجها المواطن لبناء مسكنه.

ولا ننسى أنه تم فتح الالتحاق بعائل وكروت الزيارة لعوائل الوافدين العاملين في الدولة، وذلك وفق ضوابط وشروط معينة، وان كانت أكثر تشدداً عما قبل.

جميع تلك العوامل أدت إلى عودة الطلب على العقار الاستثماري مرة أخرى، وهناك توقعات بارتفاع معدلات الإشغال في هذا القطاع إلى 90 في المئة، وقد أشار تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إلى أن الإقبال على العقارات الاستثمارية بدأ ينتعش مرة أخرى على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة، وسط التوقعات الأكثر إيجابية، التي قد تكون مسودة التعديلات الحكومية لقانون الإقامة الجديد ربما ساهمت في تكوينها، نظراً إلى ما تتسم به تلك التعديلات من إمكانية تسهيل زيادة إقبال الوافدين الذين يشكلون الأغلبية العظمي من مستخدمي الشقق السكنية.

ضغط على «السكني»

ويعتبر انتعاش القطاع الاستثماري عامل ضغط على أسعار العقارات السكنية، إذ يشير العديد من العقاريين إلى أن الانتعاش سيدفع المستثمرين للعودة إلى هذا القطاع، إذ يتمتع بالعديد من المميزات التي يفتقدها القطاع السكني، منها إمكانية تسجيله في سجلات الشركة ورهنه والحصول على تمويل من البنوك، عكس العقار السكني الذي يتم تسجيله بأسماء شخصية وعملية الرهن فيها تشدد كبير.

وهناك عوامل أخرى أصبحت تضغط على أسعار العقارات السكنية، منها وصول أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة، مما خفضت من القدرة الشرائية لفئة كبيرة من المواطنين.

ومن بين العوامل أيضاً إقرار القوانين الإسكانية أو القوانين التي تنظم القطاع السكني، وقد تكون تلك القوانين عاملاً نفسياً حالياً، وقد يظهر أثرها على أرض الواقع مستقبلاً، وأيضاً كان لارتفاع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، الأثر الأكبر على أسعار العقارات السكنية، وقد سحبت جزءاً كبيراً من سيولة القطاع العقاري ككل.

وتراجعت سيولة القطاع السكني بما نسبته 27.4 في المئة، خلال العام 2023 مقارنة بعام 2022، حيث بلغ حجمها عقوداً ووكالات نحو 1.458 مليار دينار، وبلغت مساهمتها النسبية نحو 50.3% من سيولة السوق، وهي أدنى من نسبة مساهمتها في عام 2022 والبالغة نحو 53.4%.

وتراجع متوسط قيمة الصفقة في العقار السكني الخاص خلال 2023 بما نسبته 4.7 في المئة، إذ بلغ متوسط الصفقة 421 ألف دينار، مقارنة مع متوسط بلغت قيمته 442 ألفاً، خلال عام 2022.