علم السياسة يعتمد على حسن الإدارة والتدبير وإصلاح المؤسسات ورعاية مصالح الدولة، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون بواسطة الكذب والتدليس وخداع الأمة، وهو ما يفعله معظم ساسة هذا الزمان، حيث يصورون لشعوبهم أنهم قادرون على تحقيق طموحاتهم وآمالهم عبر خطب سياسية يطلقونها ووعود وهمية وتعهدات كاذبة.

الفاسدون نجحوا في تغيير مفاهيم العمل السياسي وقيمه من خلال إيهام الجماهير بخطابات حماسية أو نظريات وهمية حتى أصبح الناس لا يثقون بساستهم ولا يصدقون وعودهم، ليصبح النظام السياسي برمته نظاماً عبثياً لا يعرف من خلاله السياسي الصالح من السياسي الفاسد، ولا الصادق الأمين من الكاذب اللص، وأدخلت منظومة الفساد أدوات عدة من أدواتها بمضمار العمل السياسي ممن لا يفقهون ولا يفهمون معنى السياسة بقصد التشويش على العامة وتشويه خصومهم، فاختلط الحابل بالنابل، وخلقوا من العمل السياسي فوضى عارمة لينفردوا بالقرار ويحققوا أهدافهم بالطرق الملتوية وغير القانونية، وأصبح العمل السياسي عملاً ملوثاً بفعل تلك الممارسات والفهم الخطأ لمفهوم السياسة ومضامينها الحقيقية لدى العامة.

Ad

لقد نجح الفاسدون بإلصاق صفة الكذب والخداع والتدليس لكل سياسي، حيث أصبح الكذب صفة لكل من يعمل في السياسة، وتجريد العمل السياسي الرزين من كل القيم النبيلة والمحترمة للوصول الى الهدف والغاية (فن الممكن) حتى أصبح السياسي في الدائرة الثانية يخاطب جماهيره بغير ما يخاطب به السياسي في الدائرة الخامسة، وكأن كلاً منهم في دولة.

ولأن مفهوم السياسة هو تسييس العمل لتحقيق مصالح البلاد والعباد، أي إدارة أمور الناس وحسن تدبيرها وهذا لا يمكن أن يتحقق بالكذب والخداع والتدليس، والعمل السياسي الرزين والحقيقي من صفاته الأمانة والصدق والإخلاص والعمل الجماعي وتعاون مؤسسات الدولة وتوافقها لرعاية مصالح البلاد والعباد.يعني بالعربي المشرمح:

الكذب والتدليس والخداع صفات ليست ذات علاقة بالسياسة ولا العمل السياسي، بل هي صنيعة الفاسدين الذين استغلوا السياسة ليحققوا غاياتهم وأهدافهم، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون السياسي ناجحاً ويؤدي أعماله بالصدق والأمانة وهو كذاب ومخادع، الأمر الذي يجب تنظيف العمل السياسي من الساسة الفاسدين، حتى لا يكون فن الكذب والخداع مبرراً لكل من يعمل في الحقل السياسي، وتصبح السياسة وسيلة للكذب والخداع للوصول إلى غاية فاسدة على حساب الوطن والمواطنين.