وصف تقرير لمعهد «تشاتام هاوس»، المعلومات التي نشرتها وكالة «رويترز» في نهاية يناير الماضي، حول ضغط صيني على إيران لكبح هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، بأنه غير دقيق.

وبحسب تقرير المعهد البريطاني المعني بالسياسات الدولية، قد تكون الصين قد ضغطت بالفعل على إيران في الأسابيع الماضية، حيث أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن بلاده «تبذل جهوداً نشطة لتخفيف التوترات في البحر الأحمر منذ البداية»، لكن مسؤولاً إيرانياً كشف أنه «بالأساس، قالت الصين إنه إذا تضررت مصالحنا بأي شكل من الأشكال فسيؤثر ذلك على علاقاتنا التجارية مع طهران لذلك أطلب من الحوثيين ضبط النفس».

Ad

ويستنتج التقرير بأن ذلك يؤكد أن جهود الصين تركزت فقط على انتزاع ضمانات لحماية مصالحها المباشرة، مع غياب أي دليل عن سعي بكين كانت بأي شكل من الأشكال للضغط من أجل تهدئة كاملة في البحر الأحمر.

ويشير «تشاتام هاوس» الى أن تهديدات الصين جاءت بنتيجة سريعة، فقد منح الحوثيون السفن الصينية والروسية حصانة، إذ تعلن أكثر من 30 سفينة تعبر البحر الأحمر يومياً ارتباطها بالصين أو وجود مواطنين صينيين على متنها. كما تتمتع قوارب الشحن الصينية الصغيرة بممر آمن نحو الموانئ الإقليمية مثل دوراليه في جيبوتي، والحديدة في اليمن، وجدة في السعودية، والسخنة في مصر.

ويرى التقرير أن الصين تتبنى نهجا منخفض المخاطر يقوم على الانتظار والترقب، حيث لا يريد القادة الصينيون أن يضطروا للقفز إلى المعركة بسبب غرق سفينة صينية أو تعرضها لأضرار جسيمة.

ولا تتمتع الصين بالنفوذ الذي تعتقد الولايات المتحدة أنها تستطيع تطبيقه على إيران، إذ لا تزال الاستثمارات الصينية تشكل نقطة خلافية في العلاقات الثنائية بين طهران وبكين رغم توقيع الجانبين اتفاقية «الشراكة الإستراتيجية الشاملة» في مارس 2021.

وحققت الاستثمارات الصينية نموا طفيفا بمقدار 185 مليون دولار فقط منذ ذلك الحين، مقابل 16.7 ملياراً مع السعودية، و3.8 مليارات مع الإمارات، و3.6 مليارات مع الكويت، و2 مليار مع قطر، و520 مليوناً مع عمان، بحسب تقرير معهد الشركات الأميركية، ومقره واشنطن.

ويرى التقرير أن هذه العلاقة الاقتصادية المتذبذبة تحد من نفوذ الصين وتغذي إحباط المسؤولين الإيرانيين، ما يخلق صدعاً سياسياً داخل النخب الحاكمة في طهران حول مدى جدوى سياسة «النظر شرقاً».

ويضيف أنه حتى لو كان لدى الصين، افتراضياً، نفوذاً على القرار الإيراني، فلن تستخدمه لدعم الأجندة الإقليمية لإدارة جو بايدن أو إنقاذها من معضلة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويلفت «تشاتام هاوس» إلى أن بكين تدرك لعبة إيران الطويلة في المنطقة والثمن الباهظ الذي تلحقه بالموقف الأميركي، لكنها لا تستطيع أن تدعمها صراحة، وتلتزم بالمقابل بشكل صارم بسياسة عدم التدخل التي تسمح لها بموازنة علاقاتها مع إيران وخصومها العرب على الجانب الآخر من الخليج.

وساد اعتقاد أن الدول العربية تشعر بخيبة أمل بسبب «افتقار بكين إلى النفوذ»، لكن هذه السردية غير صحيحة، وهي مبنية على افتراض غير دقيق بأن الدول العربية مرتبكة بشأن رغبة الصين في لعب دور أمني وسياسي مهم بعد التوسط في اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران في مارس الماضي.

ولا يتوهم المسؤولون العرب بشأن أن الصين تهتم فقط بمصالحها وعلاقاتها التجارية. ومن المنطقي بالنسبة للصين أن تتدخل لدى إيران، ولكن فقط من أجل ضمان مصالحها.