«تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها الى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج»، المادة (98) من دستور دولة الكويت.

حددت حكومة سمو رئيس الوزراء الشيخ محمد الصباح في برنامجها المعنون بـ«وطن عادل وآمن ومستدام» قبل عدة أيام الإنجازات المطلوب تحقيقها خلال 100 يوم وملقية العبء «بذكاء» على السلطتين التشريعية والتنفيذية معا، ومبتعدة عن الكلمات الإنشائية التي تحمل التعاون والمحبة والوئام، ومرتكزة على نقاط واضحة إن تحققت تحقق الرخاء والنمو، وإن تعطلت أصبحت العواقب الاقتصادية موجعة.

Ad

ومن أبرز النقاط التي لفتت أنظار وسائل الإعلام تقديم مشاريع بتنظيم الإعلام والمناقصات وضريبة أرباح الشركات وإعادة النظر في الدعوم لتحديد الفئة المستحقة.

شخصياً قرأت البرنامج من زاوية أخرى، حيث لفت نظري تحديد البرنامج متطلبات تشريعية بعين المسؤولية الملقاة على مجلس الأمة.

البرنامج يدمج البرامج الثلاثة: برنامج العمل (المادة 98) والميزانية (المادة 140) وخطة التنمية (قانون التخطيط التنموي 2016) محدداً أوجه التشابه والاختلاف وملقيا الأضواء على الإصلاح المالي والاقتصادي لتحقيق التوازن في هيكل الاقتصاد الوطني ومثلث القطاع الخاص والحكومي والوظائف واستدامة الرفاهية الاقتصادية.

واستعانت الحكومة برسم بياني يوضح أسعار النفط منذ عام 2000 حتى 2023، موضحة نمو الناتج المحلي ومستعينة بتحليل يوضح خطورة الاعتماد على مصدر وحيد للدخل ومستخدمة العصا والجزرة في توقع عجز في الميزانية العامة إن لم يتم الإصلاح الاقتصادي، ويستمر التحليل بالتحذير من سيناريو مظلم وهو تدهور الأوضاع المالية إن لم يتم اتخاذ القرار بالإصلاح كانتشار البطالة وارتفاع تكاليف العيش، وهذا الجزء قد يمثل القشة التي ستقصم ظهر «الاستجوابات».

واستعرض التقرير مؤشرات اقتصادية عالمية ومؤشرات في السياسة المحلية منها ارتفاع معدل الإنفاق على الأجور، والإنفاق الحكومي، والتوظيف الحكومي، وافتقاد الجاذبية للاستثمار الأجنبي، ثم يحذر التقرير من كلفة الاستمرار في الوضع الحالي، مقارنة بين عام 2013 و2023 ومخاطر الاستمرار بالسياسة الريعية الحالية بمؤشرات قد تكون عامة نوعا ما لكنها ستلامس الواقع.

ويتطرق التقرير الى التحديات في المرحلة التنفيذية فيما يخص بيئة العمل والبيروقراطية والتكنولوجيا ومؤشرات العمل، بعدها تأتي المبادئ الثلاثة للبرنامج الحكومي وهي العدالة الأمن والاستدامة.

أخيراً وليس آخراً، التقرير دقيق وواقعي ظاهره رخاء وبين سطوره تحذير من «الارتخاء» في التعامل مع الأمور الحيوية، وعلى الحكومة بعد نشر الخطة النظر بعين النقد والتقييم للقياديين وأهل المهارات والخبرة قبل تحديد فريقها التنفيذي.

وللحديث بقية.

كلمة أخيرة:

حكومات سابقة قدمت تقاريرها تحت عنوان «استدامة الرخاء رغم التحديات عام 2021» و«تعديل المسار اقتصاد منتج ورفاه مستدام عام 2022»، ولم يمنع ذلك النواب من البحث عن الثقوب وإلقاء العصا الغليظة لإيقاف عجلة التنمية، فهل ستنجح خطة «بوصباح»؟ أتمنى ذلك.