في حين لا تزال المنطقة تترقب الرد الأميركي على الهجوم الذي شنته ميليشيات عراقية مرتبطة بإيران وأدى إلى مقتل جنود أميركيين في الأردن، نقلت «رويترز» عن خمسة مصادر مطلعة، أن الحرس الثوري الإيراني قلص نشر كبار ضباطه في سورية بعد مسلسل اغتيالات شمل عدداً من جنرالاته الكبار، غير أن مصدراً مطلعاً في «فيلق القدس»، التابع لـ «الحرس» أكد لـ «الجريدة»، أن ما قامت به إيران هو مجرد إجراءات دفاعية، وأنه ليس هناك أي تقليص لوجودها في سورية.

وبحسب المصدر فإنه بعد عملية الاغتيال الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل نائب قائد استخبارات فيلق القدس، الذي كان يشغل أيضاً منصب قائد استخبارات «الحرس» في سورية مع أربعة من مساعديه في حي المزة بدمشق، زار قائد «فيلق القدس» اللواء إسماعيل قآني العاصمة السورية، والتقى الرئيس بشار الأسد، وسلّم إليه رسالة من المرشد الأعلى علي خامنئي، تؤكد وجود اختراق أمني داخل الأجهزة الأمنية السورية.

وقال المصدر إنه تم الاتفاق مع الأسد على اتخاذ إجراءات مضادة، بينها إخفاء هويات الضباط الإيرانيين، وإصدار ترخيص خاص يسمح للمهمين منهم بدخول سورية والخروج منها دون الكشف عن هوياتهم، فترة مؤقتة، على أمل أن تتمكن دمشق من كشف أماكن الاختراق.

Ad

وأكد أنه بحسب الاتفاق، تقرر أن يتم تغيير مواقع إقامة كبار الضباط الإيرانيين في سورية دون إعلام الأجهزة الأمنية السورية، وأن يستقر هؤلاء في أماكن غير معروفة، موضحاً أنه لتطبيق هذه الإجراءات كان لا بد من خروج هؤلاء الضباط من سورية والعودة حسب شروط الاتفاق الجديد.

وأكدت «رويترز» صحة خبر «الجريدة» المنشور في 21 يناير الماضي حول إبلاغ طهران دمشق بوجود خرق أمني، ونقلت عن ثلاثة مصادر، أن الحرس الثوري أثار مخاوفه مع السلطات في دمشق من أن تسرب المعلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دوراً في الضربات القاتلة الأخيرة. وكانت «الجريدة» ذكرت أن «الحرس» متخوف من اخترقات سورية وروسية تهدف إلى إخراجه من سورية.

وفي بيروت تحدثت مصادر دبلوماسية عن تحولات في دمشق من بينها التغييرات التي أجراها الرئيس الأسد في بعض قيادات الأجهزة الأمنية، مضيفة أن الأخير أبدى استعداده للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين.

ولفتت المصادر إلى تحرك خليجي باتجاه سورية، إذ عيّنت الإمارات سفيراً لها في دمشق، فضلاً عن تفعيل عمل سفارتها فيها، وهو ما ستقوم به السعودية خلال الأيام المقبلة.

يأتي ذلك بعد زيارات متعددة لكبير مستشاري إدارة الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، والتي بحث خلالها مع دول عربية في مسارات تتصل بالوضع السوري بعنوان تقويض النفوذ الإيراني مقابل انفتاح العرب، وتقديم تنازلات من الأسد بدأت بالفعل برفضه فتح الجبهة السورية ضد إسرائيل.

وأكدت المصادر أن تسريب خبر سحب ضباط إيرانيين من سورية هو خطوة إيرانية لتفادي الإحراج حتى لا تتعرض للمزيد من الضربات التي لن تكون قادرة على الرد عليها بنفس المستوى، وأن طهران لن تكون مستعدة للتنازل عن الساحة السورية بعد كل ما استثمرته هناك منذ 2011، وبالتالي فإن عملية إعادة التموضع لكبار ضباطها لا يعني بأي حال انسحاباً من سورية، بل يمكن اختصاره بعبارة أن «إيران تميل من الرياح».

وتوقعت أن يكون الإجراء الإيراني مناورة لتهدئة واشنطن الغاضبة بعد مقتل 3 من جنودها في الأردن.

وقال 4 مسؤولين أميركيين لـ «رويترز» أمس، إن تقديرات واشنطن تشير إلى أن الهجوم على قواتها في الأردن كان بطائرة مسيّرة إيرانية الصنع. وحذرت طهران واشنطن من توجيه أي ضربات لها أو لمصالحها ومواطنيها في الخارج.

وبينما علمت «الجريدة»، أمس الأول، أن طهران حذرت دول الجوار التي تضم قواعد أميركية من السماح لواشنطن باستخدامها لتوجيه أي ضربة على إيران، مؤكدة أنها سترد على هذه القواعد بغض النظر عن العلاقات الثنائية، نقلت شبكة «سي بي إس» عن مصادر، أنه تم بالفعل المصادقة على خطط أميركية لضربات تستمر أياماً في سورية والعراق ضد عدة أهداف، مضيفة أن القصف سيشمل منشآت وأفراداً إيرانيين.