باتت القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في وضع قتالي متزايد مع تصاعد وتيرة ضرباتها في العراق واليمن ضد الجماعات المتحالفة مع إيران على وقع استمرار الحرب في غزة، فيما تحاول إدارة الرئيس جو بايدن إبقاء هذه المواجهات محدودة من خلال تجنب إسقاط عدد كبير من القتلى، وحصر أهدافها بالقدرات القتالية التي تنوي الميليشيات استخدامها في ضربات وشيكة دون استهداف مؤلم لقدراتها الهجومية، وهو ما يشبه خوض «حرب بقفازات»، محكومة بالكثير من القواعد والضوابط، مع عدم قطع خطوط التواصل مع طهران وإبقاء المجال مفتوحاً أمام مبادرات دبلوماسية ومشاريع تسويات، على أمل أن تبقى الأمور تحت السيطرة إلى حين توقف الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.

القصف في العراق

Ad

وبعد أيام على هجوم صاروخي باليستي هو الأكبر على قاعدة عين الأسد غرب العراق أدى الى إصابة أميركيين، شنت الولايات المتحدة فجر أمس غارات على مواقع لجماعة «كتائب حزب الله العراقية»، المدعومة من إيران، والتي تشكل العمود الفقري لائتلاف «المقاومة الإسلامية في العراق»، الذي تبنى أكثر من 150 هجوماً على قواعد تضم قوات أميركية في العراق وسورية، منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر 2023.

وقالت القيادة الوسطى الأميركية أن الضربات على منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، ومنطقة القائم على الحدود مع سورية، استهدفت مقار كتائب حزب الله ومواقع التخزين والتدريب الخاصة بقدرات الصواريخ والطائرات بدون طيار الهجومية الأحادية الاتجاه.

وبحسب معلومات عراقية، فإن واحدة من الضربات على جرف الصخر استهدفت معهداً عسكرياً للتدريب على الصواريخ والطائرات المسيّرة.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن، إن «الضربات الضرورية والمتناسبة والدقيقة» تأتي «رداً مباشراً على سلسلة من الهجمات التصعيدية ضد أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف في العراق وسورية».

وأكد أوستن «نحن لا نسعى إلى تصعيد الصراع، لكننا على استعداد تام لاتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية موظفينا ومنشآتنا وندعو هذه الجماعات ورعاتها الإيرانيين إلى وقف الهجمات بشكل فوري».

في المقابل، أصدر المتحدث باسم القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، بياناً أكد فيه أن «الضربات على مواقع عسكرية للجيش والحشد الشعبي هي فعل مرفوض، يقوّض سنوات من التعاون ويتجاوز على سيادة العراق بشكل سافر، ويؤدي إلى تصعيد غير مسؤول»، واصفاً الضربات الأميركية بأنها «أفعال عدوانية».

من جانبه، اعتبر مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن الضربات الأميركية الأخيرة «لا تساعد على التهدئة»، مندداً بـ «اعتداء صارخ للسيادة العراقية».

في المقابل، دعا أبو آلاء الولائي، الأمين العام لـ «كتائب سيد الشهداء» المنضوية في «المقاومة الإسلامية في العراق» إلى «الشروع بالمرحلة الثانية من العمليات للمقاومة الإسلامية المتضمنة إطباق الحصار على الملاحة البحرية الصهيونية في البحر الأبيض المتوسط، وإخراج موانئ الكيان الغاصب عن الخدمة».

ونفذت واشنطن عدة ضربات خلال الأسابيع الأخيرة ضد الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، رداً على الهجمات ضد جنودها في العراق، كما فرضت عقوبات شملت أخيراً شركة فلاي بغداد للطيران.

ويدفع التوتر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي وصل للسلطة بدعم ائتلاف من أحزاب شيعية موالية لإيران، للتحرك بتوازن دقيق في ظل مساعيه للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن.

ضرب صواريخ حوثية

وفي اليمن، أعلنت الولايات المتحدة أنها شنت فجر أمس ضربات جديدة ضد جماعة أنصار الله الحوثية، غداة ضربات أميركية ـ بريطانية استهدفت منشآت للجماعة في 4 محافظات يمنية.

وقالت القيادة الوسطى في بيان، إن القوات التابعة لها «رصدت الصاروخين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وخلصت إلى أنهما يمثلان تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة» وقامت باستهداف الصاروخين وتدميرهما «دفاعاً عن النفس»، مشيرة إلى أن «هذا الإجراء يحمي حرية الملاحة ويجعل المياه الدولية أكثر أمناً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية».

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين ومستشارين غربيون إن إيران ترسل أسلحة متطورة بشكل متزايد إلى حلفائها الحوثيين، مما يعزز قدرتهم على مهاجمة السفن التجارية وتعطيل التجارة الدولية، على الرغم من أسابيع من الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.

وبحسب الصحيفة، من بين تلك المعدات المتطورة أجهزة تشويش للطائرات بدون طيار وأجزاء من الصواريخ والقذائف بعيدة المدى، إضافة الى إرسال مستشارين ايرانيين ومن حزب الله اللبناني.

ولفتت إلى أنه في 11 يناير، استولت قوات البحرية الأميركية على سفينة محملة بأحدث التقنيات العسكرية الإيرانية، شملت مجموعات تجميع صاروخ «غدير»، وهو صاروخ إيراني مضاد للسفن يصل مداه إلى أكثر من 200 ميل، ولم يستخدمه الحوثيون من قبل، وفوهات محرك لصاروخ طوفان، وهو صاروخ باليستي كشفت عنه المجموعة أخيراً، إضافة إلى تمديدات بصرية مصممة لتحسين دقة هجمات الطائرات من دون طيار. وقال المستشارون والمسؤولون الأمنيون الغربيون إن نقل تقنيات الصواريخ الباليستية والتدريب تشرف عليه الوحدة 340 في الحرس الثوري، التي دربت أفراد الحوثيين في إيران ولبنان، ويقودها حامد فاضل.

في سياق متصل، نقلت صحيفة فايننشال تايمز أمس عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الولايات المتحدة طلبت من الصين خلال الأشهر الثلاثة الماضية حث إيران على كبح هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر، لكنها لم تتلق أي مؤشر يدل على استعداد بكين لتقديم أي دعم في هذا الصدد.