شابكت وتقاطعت كل الملفات اللبنانية، من رئاسة الجمهورية، وإعادة تكوين السلطة، إلى منع التصعيد وإعادة الاستقرار إلى الحدود الجنوبية، وصولا إلى ملف ترسيم الحدود البرية، حتى باتت كلها مرتبطة ببعضها البعض، ولا بد من التفاوض عليها سلة واحدة.

والجديد في هذا السياق تكليف المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين بتمثيل واشنطن في اجتماعات اللجنة الخماسية المعنية بملف لبنان، والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر.

وسيكون هوكشتاين إلى جانب مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، التي كانت تمثل بلادها في اجتماعات اللجنة المعنية خصوصا بإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

Ad

وكان هوكشتاين ألمح في زيارته ما قبل الأخيرة لبيروت إلى اهتمامه برئاسة الجمهورية، إذ شدد على ضرورة انتخاب رئيس وإعادة تكوين السلطة لتواكب مسار تثبيت وترسيم الحدود البرية. في حينها التقط المسؤولون اللبنانيون إشارة الدبلوماسي الأميركي، خصوصا أن مهماته تطورت من البحث في ملف البلوكات النفطية وترسيم الحدود البحرية إلى تأمين التنقيب عن النفط والغاز وإلى إرساء الاستقرار والهدوء على الجبهة الجنوبية وإنجاز ترسيم الحدود البرية، وقد أصبح حاليا معنيا بالمفاوضات الرئاسية.

وتشير المعلومات إلى التحضير لعقد اجتماع جديد للجنة الخماسية أواخر الشهر الجاري، أو مع بداية الشهر المقبل، للبحث في كيفية إنجاز الاستحقاق الرئاسي والحديث عن مواصفات الرئيس والبحث عن الانتقال إلى «المرشح الثالث».

واستباقا لذلك، أحيا رئيس مجلس النواب نبيه بري ترشيح سليمان فرنجية، على قاعدة أنه المرشح الأوحد ولا أحد يقابله، وهذا في السياسة يعني ضمنا أن الثنائي الشيعي، المتمثل في حركة أمل وحزب الله، يربط بين ملف الفراغ الرئاسي بملف الجبهة الجنوبية وسيسعى لاستغلال التطورات جنوبا لإيصال فرنجية الى قصر بعبدا.

يأتي ذلك، فيما يعتبر حزب الله أنه أصبح يمسك عددا أكبر من الأوراق التي تمكنه من فرض شروطه، وأن تطورات الأحداث في الشهرين الماضيين تدفعه إلى التمسك أكثر بفرنجية، خصوصا في ظل الرسائل الدولية والإقليمية التي تضع مسألة التهدئة في الجنوب وعدم الذهاب نحو حرب في عهدته.

وبالتالي إذا كان انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية في 2016 هو نتاج تقاطع مصالح أميركية - إيرانية بعد الاتفاق النووي الذي أنجز قبلها بعام، وبعد كل التطورات التي شهدتها المنطقة، وخصوصا سورية والعراق، يمكن لفرنجية أن يكون نتاج تقاطعات جديدة يتم العمل عليها لعدم الذهاب إلى حرب إقليمية.

وفي هذه الأجواء تأتي دعوة العشاء في المختارة التي وجهها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى فرنجية، ورغم أنه من المبكر الحديث عن أن العشاء يعني حكما تغييرا في موقف الحزب الاشتراكي في الاستحقاق الرئاسي، خصوصا أن أوساط جنبلاط وفرنجية يضعان العشاء في إطار العلاقات بين جميع القوى، لكن بعض المراقبين يؤكدون أن هذا التطور يمكن أن يشكل أرضية تحضيرية في حال استجدت أي تطورات إيجابية حيال فرنجية.