غداة تحذير المرشد الإيراني علي خامنئي لمن سمّاهم بـ «مديري أعمال الشغب» ومطالبته للسلطة القضائية بمحاكمة مَن يشارك في «الأعمال الشريرة»، في إشارة إلى التظاهرات والاضطرابات المتواصلة منذ منتصف سبتمبر الماضي، شكّلت نحو 30 مدينة في 18 محافظة مسرحاً للاحتجاجات ضد النظام خلال الـ 24 ساعة الماضية. كما انطلقت تظاهرات وإضرابات طلابية بنحو 50 جامعة وكلية في طهران ومدن أخرى، وفق ما كشفت تقارير على وسائل التواصل أمس.

وشهدت مدن في محافظات طهران وكردستان وأذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية وأردبيل وأصفهان وفارس وسمنان وخراسان رضوي وخراسان الشمالي وجيلان ومازندران وهمدان وبلوشستان وكرمانشاه وعيلام وجهارمحال وبختياري وهرمزجان وألبرز والمحافظة المركزية، تظاهرات ضد النظام كانت في بعضها مصحوبة بعمليات كر وفرّ، بين المحتجين وقوات الأمن، خاصة بالمدن الكردية.

هجوم وتوتر
Ad


وأنهت مدينة مهاباد ليلة ساخنة نتيجة الهجوم المكثف للقوات الأمنية والعسكرية بالأسلحة الثقيلة وقطع الكهرباء. وكان المتظاهرون قد خرجوا منذ صباح السبت للمشاركة في جنازة الشاب كمال بور، الذي قتل يوم الجمعة برصاص قوات الأمن. وبحسب مقاطع فيديو تلقتها منصة إيران إنترناشيونال، المعارضة، فإن الأجواء في مهاباد بعد الهجوم العنيف لقوات الأمن المصحوب بتحليق كثيف للمروحيات في سماء المدينة، تشبه أجواء فرض الأحكام العرفية.

من جانب آخر، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية بالنسخة الفارسية «بي بي سي»، بأن السلطات الأمنية اعتقلت رجل الدين السنّي من القومية الكردية محمد خضر نجاد في مدينة بوكان بعد إعلان دعمه للمتظاهرين، فيما نجا إمام صلاة الجمعة في مدينة إيرانشهر البلوشية مولوي حافظ جوهر كوهي.

ومع استمرار الاحتجاجات التي تفجّرت إثر مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها من قبل الشرطة بسبب مخالفتها لقواعد الحجاب الإلزامي، شدد الحزب «الديموقراطي الكردستاني» المتمرد على أن «الانتفاضة بكل أطيافها تريد إسقاط الحكم في البلاد».

قآني والصدر

في هذه الأثناء، رفضت حكومة إقليم كردستان العراق، اتهامات صحف إيرانية لها بتهريب أسلحة عبر الحدود للجماعات الإيرانية الكردية الانفصالية.

وجاء نفي حكومة أربيل بالتزامن مع كشف مصدر، رافق قائد فيلق القدس التابع لـ «الحرس الثوري»، الإيراني اللواء اسماعيل قآني، إلى العراق، السبت الماضي، أن الأخير حذّر من أن الرد على قيام مجموعات كردية بعمليات إرهابية داخل إيران لن يقتصر على قصف مقار تلك المجموعات، ويمكن أن يتطور إلى اجتياح بري لإقليم كردستان العراقي لفرض منطقة عازلة. وذكر المصدر لـ «الجريدة» أن قآني سلّم سلطات بغداد ما وصفها بوثائق تثبت سماح سلطات أربيل لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بتأسيس قواعد لها قُرب إيران. ولفت المصدر إلى أن قآني كشف عن عرض تركي لشنّ عملية مشتركة ضد الجماعات الكردية الانفصالية بشمال العراق، مشيراً إلى أن دوائر صنع القرار في طهران قد تضطر لتغيير موقفها الرافض لمثل تلك الخطوة التي تنتهك سيادة بغداد.

وأوضح المصدر أن المسؤول الإيراني حمل وثائق تتعلق بـ «مشاركة بعض العناصر الموالية للتيار الصدري في تهريب الأسلحة وتدريب العناصر المعارضة للنظام الإيراني في منطقة خوزستان»، حيث تم الاتصال عدة مرات بمقتدى الصدر، كي يقوم قآني بلقائه ويسلمه تلك الوثائق شخصياً، لكنه رفض.

وتحدّث المصدر عن نقل رسالة من مندوب «حزب الله» اللبناني في العراق، محمد الكوثراني، إلى الصدر مفادها إنه إذا لم يضبط تلك العناصر، فإن طهران ستتصرف وفقاً لما تقتضيه مصلحة أمنها القومي.

غزو أذربيجان

إلى ذلك، نفى مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أمس، وجود رغبة لدى إيران لغزو جارتها أذربيجان بعد تصاعد التوتر بين البلدين في الآونة الأخيرة، على خلفية تحركات عسكرية حدودية من قبل باكو للسيطرة على شريط حدود تسيطر عليه أرمينيا، وهو ما قد يقطع التواصل بين طهران وياريفان.

وقال ولايتي، في تصريح نشر أمس: «أشاع البعض أن إيران تريد الحرب مع أذربيجان، وهذا هو أبشع افتراء ضدنا».

وأضاف: «ليس لدى إيران خطط لمهاجمة أي دولة مجاورة، سواء في القوقاز أو في أي مكان آخر، وخاصة جيرانها، لا سيما الأشخاص من نفس الجنس والعرق واللغة والدين والتقاليد والتاريخ».

ولطالما اتهمت إيران، موطن ملايين الأذربيجانيين، جارتها الشمالية الصغرى بتأجيج المشاعر الانفصالية على أراضيها، إضافة إلى اتهامها لباكو بمنح إسرائيل منصة على حدودهما المشتركة.

الملف النووي

من جهة أخرى، رأى نائب الرئيس الإيراني رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أمس، أن إصدار قرارات متعددة ضد إيران من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرّية لن يؤدي إلى تعطيل تقدّم البرامج النووية الإيرانية. وجدد إسلامي تأكيد بلاده على أنها سترد بحسم على قرار إدانة يتوقّع صدوره من مجلس حكماء الوكالة الدولية المجتمع حالياً في فيينا.