وسط تصاعد التوترات الإقليمية بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ قرابة ثلاثة أشهر، تلقى الحشد الشعبي العراقي أمس ضربة جوية مجهولة أسفرت عن مقتل معاون قائد عمليات حزام بغداد الحاج مشتاق طالب السعيدي (أبو تقوى) ومرافقه.

وفي الضربة، التي تزامنت مع تبني فصائل المقاومة الإسلامية لنحو 115 هجوماً على القوات الأميركية بالعراق وسورية منذ 17 أكتوبر، استهدفت أمس طائرة مسيّرة مقر الدعم اللوجستي للواء 12 التابع للحشد الشعبي في شارع فلسطين شرق بغداد بثلاثة صواريخ، وقتلت أبوتقوى ومرافقه وأصابت 7 بجروح بينهم مسؤول استخبارات الحشد.

Ad

وفي ظل تباين حكومي بشأن المسؤول عن العملية، نقلت وكالة رويترز وصحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي قوله: «الجيش الأميركي نفذ ضربة ببغداد ضد قيادي بفصيل عراقي يعتقد أنه مسؤول عن هجمات على قواتنا»، مضيفاً: «القوات الأميركية والتحالف الدولي بالمنطقة تعرضا لنحو 115 هجوما منذ 17 أكتوبر».

وتعد هذه رابع ضربة أميركية تستهدف مقار الحشد الشعبي في العراق بعد عمليات مماثلة استهدفت مواقعه في أبو غريب وجرف النصر «الصخر سابقاً» والحويجة في كركوك رداً على قيام المقاومة الإسلامية بقصف القوات الأميركية في قواعد عين الأسد وحرير ومطار أربيل الدولي، بالإضافة إلى العديد من المواقع في سورية وفلسطين المحتلة تضامناً مع غزة، التي تتعرض لعدوان إسرائيلي.

وفي حين أغلق الجيش والشرطة والحشد مكان القصف وحلقت المروحيات فوقه، عقد رئيس الحكومة محمد السوداني القائد العام للقوات المسلحة اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني لمناقشة تداعيات القصف، معتبراً أنه تصعيد خطير واعتداء على العراق.

وقبل تأكيد السوداني أن القوات الأميركية تبرأت من الهجوم «غير المبرر»، حمّل الناطق باسمه اللواء يحيى رسول التحالف الدولي مسؤولية «الاعتداء السافر والتعدي الصارخ على سيادة العراق وأمنه»، مؤكداً أن «الهجوم غير المبرر على جهة أمنية عراقية تعمل وفق الصلاحيات الممنوحة لها من قبل القائد العام للقوات المسلحة يقوض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي».

وقال رسول، في بيان، «هذا الاستهداف يعد تصعيداً خطيراً واعتداءً على العراق وبعيداً عن روح ونص التفويض والعمل الذي وجد من أجله التحالف الدولي في العراق».

فصائل العراق

وسارعت حركة النجباء الموالية لإيران باتهام القوات الأميركية بتنفيذ قصف غادر على مقر الدعم اللوجستي وقتل معاون قائد عمليات حزام بغداد بالحشد الشعبي.

ودعا النائب عن جماعة «عصائب الحق» حسن سالم «جميع فصائل المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي بالعراق إلى الاستنفار ومقاتلة «الاحتلال الأميركي»، معتبراً انه «صار لزاما على الحكومة تنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية في أسرع وقت، وإلقاء القبض على الجواسيس الذين كانوا يحددون مقرات الفصائل بمواقعهم الإلكترونية».

من جهته، حمّل زعيم منظمة بدر هادي العامري «الحكومة مسؤولية أي تغاضٍ أو تراخٍ في الإخراج الفوري لقوات التحالف من العراق»، مؤكداً أن «تواجدها بات يشكل خطراً على أمن وسلامة الشعب العراقي، وتعدياً صارخاً على سيادته».

ودان زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم «بشدة» القصف واستنكر «محاولات هتك السيادة العراقية»، مؤكداً ضرورة احترام الدستور والقوانين ومنع إرباك الوضع الأمني والسياسي، ودعم سلطات الدولة بالالتزام بقراراتها وسياساتها.

صبر استراتيجي

وفي وقت توعد المرشد الأعلى علي خامنئي بـ «رد قاس» على تفجير ضريح قاسم سليماني في مدينة كرمان في الذكرى الرابعة لاغتياله والذي ادى الى مقتل 84 شخصاً و284 جريحاً في حصيلة تمت مراجعتها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز»عن شخصين مطلعين على المناقشات الداخلية الإيرانية، أن خامنئي أصدر تعليماته للقادة العسكريين باتباع «الصبر الاستراتيجي»، وتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة بأي ثمن، كما أمر الجيش بالحد من الانتقام من العمليات السرية ضد إسرائيل أو هجمات الميليشيات الوكيلة على القواعد الأميركية في سورية والعراق.

وفي وقت أعلن وزير الخارجية حسين عبداللهيان بدء إجراءات قانونية ودولية عبر الأمم المتحدة لملاحقة مرتكبي المجزرة، اعتبر قائد فيلق القدس إسماعيل قآني، أن «جريمة كرمان الآثمة تم تأمينها عن طريق أميركا والكيان الصهيوني». وألقت الصحف الإيرانية المتشددة أمس باللائمة على إسرائيل، وطالبت بانتقام سريع، محذرة من أن الفشل في الرد يمكن أن يؤدي إلى هجمات أخرى وربما في العاصمة طهران.

من ناحيته، أكد الحرس الثوري أن «العمل الإرهابي في كرمان نُفذ للإيحاء بوجود تدهور أمني والانتقام من حب الشعب، لاسيما الجيل الصاعد، لسليماني»، نافياً إصابة أحد من كبار قادته بالانفجارين، أو وقوع عملية إطلاق نار في المكان ذاته في اليوم التالي.

وفي واشنطن، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي «أي علاقة للولايات المتحدة بهجوم كرمان أو وجود أدلة على ضلوع إسرائيل في الانفجارين اللذين يشبهان هجمات تنظيم داعش»، مؤكداً أن إدارة الرئيس جو باين «ستواصل الإبقاء على وجود عسكري كبير في الشرق الأوسط في ظل الصراع الدائر بغزة».

ضرب الحوثيين

على صعيد مواز، أفادت شبكة «إن بي سي» الأميركية عن مسؤولين مطلعين بإدارة بايدن بأن «البيت الأبيض لم يوافق حتى الآن على أي خيارات عسكرية أعدها الجيش لضرب الحوثيين في اليمن».

وأمس الأول حثت الولايات المتحدة و11 دولة حليفة منها بريطانيا وأستراليا وكندا وألمانيا واليابان البحرين على وقف «هجماتهم غير القانونية» على السفن في البحر الأحمر «فوراً أو تحمل العواقب».

وفي نفس اليوم، دعا مجلس الأمن الحوثيين إلى وقف هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، معتبراً أنها تهدد الاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة وإمدادات الغذاء العالمية.