ذكر «الشال»، في تقريره، أن أرقام الناتج المحلي الإجمالي أفضل وأهم وحدة لقياس تقدم أو تخلف اقتصاد البلد، لذلك حداثتها ودقتها وتفاصيلها في غاية الأهمية، فهي تماما مثل الأشعة والتحاليل لجسد الإنسان، وتزداد أهميتها إن كانت أوضاع الاقتصاد أو الجسد غير سليمة.

ونشرت الإدارة المركزية للإحصاء أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني لعام 2023 مقارنة بالربع الثاني من عام 2022، وتشير الأرقام إلى انكماش الاقتصاد الكويتي بالأسعار الثابتة بنحو -1.3%، وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي بعد الانكماش بالأسعار الثابتة نحو 9.981 مليارات دينار، أو نحو 32.6 مليار دولار، وسبب الانكماش الرئيسي من وجهة نظر الإدارة المركزية للإحصاء هو الهبوط الحاد في أسعار النفط من مستوى 113.5 دولارا للبرميل لمعدل الربع الثاني من عام 2022، إلى مستوى 78.3 دولارا للبرميل لمعدل الربع الثاني من عام 2023.

Ad

ومساهمة النفط بالأسعار الثابتة في ذلك الناتج بلغت 51.5%، وبالأسعار الجارية بحدود 48.1%، ما يعني أن الاعتماد الطاغي على النفط في تكوين الاقتصاد مستمر، يتغير وفق حركته فقط، فالاقتصاد مكشوف تماماً على متغيرات سوق النفط، وهي خارج سلطة صانع القرار المحلي.

مساهمة القطاعات الأخرى ضئيلة تاريخيا وما زالت، ما يعني أنه لا وجود لأي جهد لتنويع مصادر الدخل غير الكلام، فمساهمة الصناعات التحويلية بلغت نحو 7.4% من حجم الناتج المحلي الإجمالي متراجعة بنسبة -1.6% بالأسعار الثابتة، وساهم قطاع الوساطة المالية والتأمين بنحو 9.0% مرتفعاً من مساهمة بنسبة 8.7% للربع الثاني من عام 2022، وساهمت تجارة الجملة والتجزئة بنحو 3.8%، وساهم قطاع الخدمات ومعظمه حكومي، بنسبة 16%.

المحزن هو أن آخر ما نشر حول أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الكويت كان للربع الرابع من عام 2020، والمبرر الذي ذكره تقرير الإدارة المركزية للإحصاء حول وقف احتسابه ونشره لنحو ثلاث سنوات، هو توقف تدفق الأرقام والمعلومات بسبب جائحة كورونا، ولا نعرف بلداً واحداً في العالم توقف فيه نشر مثل تلك الأرقام والمعلومات بسبب تلك الجائحة، بينما نعرف بلداً واحداً في العالم تلقى ثلثي موظفي القطاع العام مكافأة الصفوف الأمامية ما يعني وجودهم على رأس عملهم إبان الجائحة.

والواقع أن الجائحة يفترض أن تكون سببا محفزا لاحتسابها ونشرها لقياس أثرها على الواقع الاقتصادي في كل دول العالم حتى يتم التعامل معها بشكل صحيح تحسباً لتبعاتها، وتوقف احتسابه لتوقف تدفق المعلومات يعني أن الكويت فاقدة لأهم مؤشر لقياس الأداء وهو تدفق ودقة المعلومات، وفاقدة لاحترام قيم العمل والإنتاج، فالإصلاح يبدأ وينتهي بالإنسان، ومن دون التزامه وتفوقه، لا أمل في نهوض.