وسط تصاعد لمخاوف اتساع دائرة العنف في حرب غزة إقليمياً، وإمكانية إدخال بغداد في حلقة مفرغة لتصفية الحسابات، بعد أن نفذ الجيش الأميركي ضربات جوية في العراق، رداً على هجوم بطائرة مسيّرة شنّه مسلحون متحالفون مع إيران، وأدى إلى دخول جندي أميركي في حالة حرجة وإصابة اثنين آخرين، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، أمس، مضي حكومته في إنهاء وجود التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

ورفض السوداني، في مؤتمر مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، «الاعتداءات العدائية» تجاه القواعد الأميركية، محذراً من أنها تؤثر على استقرار العراق.

Ad

وأشار السوداني إلى أن «اللقاء مع رئيس الوزراء الإسباني تضمن حديثاً أكثر تفصيلاً، يتعلق بوضع التحالف الدولي، خصوصاً أن إسبانيا جزء من التحالف الذي ساعد العراق على هزيمة داعش».

وأوضح أن «الحكومة في طور إعادة ترتيب العلاقة في ظل قوات عراقية متمكنة»، مؤكداً أنها «ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي الذي يضم مستشارين أمنيين يدعمون القوات الأمنية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري».

وقال: «حصلت مؤخراً اعتداءات على القواعد العسكرية العراقية والبعثات الدبلوماسية، وأكدنا موقف الحكومة الرسمي والواضح الرافض لهذه الاعتداءات التي نعتقد أنها أعمال عدائية تضر بالمصلحة الوطنية للعراق وتؤثر في أمن واستقرار البلد، وأكدنا أهمية الالتزام بالتفويض القانوني الممنوح من الحكومات العراقية السابقة لهذا الوجود، الذي يجب أن يكون ضمن إطار الدعم للقوات الأمنية في مجالات التدريب، وألا يتجاوز حد القيام بأعمال عسكرية كونها تمثل مساساً بالسيادة العراقية وهو أمر مرفوض».

وأشار إلى أن «الحكومة واعية وملتزمة وقادرة على القيام بواجباتها لحفظ أمن البعثات الدبلوماسية وأماكن وجود المستشارين الأمنيين».

وبخصوص القضية الفلسطينية، شدد السوداني على أهمية إيقاف حرب غزة المدمرة التي كشفت عن فشل المنظومة الدولية ومؤسساتها ومنظماتها في الحفاظ على قوانينها والاتفاقيات ذات العلاقة في تحقيق الأمن والاستقرار، وتوجه بالشكر إلى مدريد على موقفها الشجاع في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية التي ارتقت إلى مستوى الجرائم والإبادة الجماعية وتجاوزت كل القوانين الدولية وقوانين الحرب.

هجمات ثلاثية

وجاء ذلك في وقت أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، فجر أمس، أنها قصفت مركزاً وهدفاً إسرائيلياً داخل الأراضي العراقية والسورية والفلسطينية في عمليات منفصلة، في إطار الرد على مجازر غزة المتواصلة للشهر الثالث على التوالي.

وذكر بيان لـ«المقاومة الإسلامية» أنها استهدفت «مركزاً للتجسس الفني تابعا للكيان الصهيوني شمال شرقي محافظة أربيل في إقليم كردستان العراق بالأسلحة المناسبة»، كما أفادت بأنها استهدفت «هدفاً حيوياً في أراضينا المحتلة إلى الجنوب من مستوطنة إلياد بالأسلحة المناسبة»، مجددة موقفها في الاستمرار في «دكّ معاقل العدو».

في هذه الأثناء، أفادت مديرية مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان بأن التحالف الدولي أسقط طائرة مفخخة بمحافظة أربيل في ثاني هجوم خلال يومين على المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.

وبعد إعلان التشكيل العراقي، الذي يضم عدة فصائل شديدة الارتباط بطهران، أكد الجيش الإسرائيلي تحطم طائرة مسيرة مزودة بمتفجرات قرب مستوطنة إلياد، مما أدى إلى أضرار مادية في مرتفعات الجولان السوري المحتل.

وفي وقت سابق، استهدفت «المقاومة العراقية» أهدافا إسرائيلية في تل أبيب المطلة على البحر الأحمر.

وفي تطور متزامن، أفاد المرصد السوري بأن جماعات مسلحة موالية لإيران استهدفت قاعدتي «العمر» و»كونيكو « للقوات الأميركية في سورية، وأن دوي انفجارات سمع عقب الاستهداف.

تبرير أميركي

في غضون ذلك، برر الرئيس الأميركي جو بايدن الضربات الجوية التي شنها الجيش الأميركي الاثنين الماضي في العراق بأنها استهدفت «ردع إيران وفصائل مسلحة تدعمها» عن شن أو دعم هجمات على أفراد ومنشآت أميركية.

وقال بايدن، في رسالة لكبار قادة «الكونغرس»: «استهدفت الضربات تعطيل وعرقلة سلسلة هجمات ضد الولايات المتحدة وشركائنا»، في إشارة إلى عشرات الهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسورية منذ اندلاع حرب غزة، والتي تقول الفصائل العراقية إنها تهدف إلى الضغط على واشنطن من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي المدعوم من قبلها.

وأضاف الرئيس الأميركي: «الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات أخرى، حسب الضرورة والملاءمة، للتصدي لتهديدات أو هجمات أخرى».

حريق إقليمي

وجاءت تلك التطورات فيما طالبت دمشق الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بوضع حد لـ«السياسات العدوانية الإسرائيلية» التي قالت إنها «تنذر بإشعال المنطقة» بعد مقتل القيادي البارز في «الحرس الثوري الإيراني» رضى موسوي في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة السيدة زينب قرب العاصمة السورية الاثنين الماضي.

واعتبرت وزارة الخارجية السورية في رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن أن العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى «استشهاد موسوي» يشكل انتهاكاً فاضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وطالبت مجلس الأمن بـ«تحمل مسؤولياته في وضع حد للسياسات العدوانية الإسرائيلية التي تدفع نحو تصعيد شامل يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي».