كشفت مصادر مطلعة لـ«الجريدة»، أن جهات رقابية بدأت تضع يدها وتتعقب وترصد بعض الممارسات التي تقوم بها شركات بمساعدة بعض مراقبي الحسابات، تتمثل في إبرام عقود صورية تقوم بها شركات مع نهاية الفترات المالية الفصلية أو السنوية، التي تنشط في مثل هذه المرحلة من كل إقفال فصلي للعام المالي.

وتقول المصادر، إن بعض الشركات تمارس عقوداً صورية لعقارات أو أصول بهدف إظهار أرباح، أو إظهار عملية تقييم غير حقيقية للأصل من خلال عملية بيع، مشيرة إلى أن هذه العملية تتم مباركتها بموافقة بعض المراقبين، الذين يمثلون محور ارتكاز وأساسي في تمرير مثل هذه الموافقات.

Ad

اللافت في ذلك الملف، أن هذه العقود الصورية لا يمكن اعتمادها وتمريرها وعكس آثارها على الميزانية إلا بموافقة مراقب الحسابات، في حين يحمّل بعض مراقبي الحسابات الشركة مسؤولية دقة البيانات المالية والعقود التي تم تسليمها له بفقرة «روتينية مطاطية» تشير إلى أن الشركة مسؤولة عن البيانات، وأن دور المراقب إبداء الرأي، وهذا الواقع يمثل نافذة للعمليات المشبوهة.

لكن من وجهة نظر محاسبية ورقابية محايدة، ففي ظل تعاظم المسؤولية الملقاة على مراقبي الحسابات فإنه يتحمّل مسؤولية كبيرة وجسيمة في التدقيق على مثل هذه العقود، إذ يتوجب على من يمررون تلك العقود التأكد منها ومن صحتها وسلامة أركانها ونفاذها نفاذاً صحيحاً، بحيث تكون عقوداً مسجلة وموثقة وترتب عليها نزع فعلي للملكية وسداد فعلي للقيمة، وحتى إن لزم الأمر الاستعانة بخبراء قانونيين أو مستشارين لمساعدته في التأكد من صحة التعاقدات وسلامتها حيث يجب أن يتوسع دور المراقب وتتوسع دائرة الخبرات التي يعتمد عليها أو يستعين بها، فلا مبرر أن مكتب التدقيق محاسبي فقط، بل في ظل التطور المذهل في التعاملات المالية والتجارية وكثرة الثغرات، يجب أن تكون شهادة مراقبي الحسابات مفصلية وحاسمة ومن دون أي مجاملات طمعاً في عقد هنا أو مقابل وعمولة هناك.

وتشدد المصادر على أن بعض المراقبين الذين يمررون مثل هذه العقود الصورية سيخضعون للمساءلة وعليهم مسؤولية جسيمة والعقاب سيكون جسيماً بحجم الأخطاء التي تم السماح بتمريرها.

كما أن الشركات التي تقوم باستخدام هذه العقود الصورية ضمن ميزانياتها ستنال جزاءات مضاعفة، خصوصاً أن الشركة عليها مسؤولية جسيمة في تقديم البيانات للمراقب، وواقعياً هم شركاء رئيسيون في الاتفاق على تمريرها.

في سياق متصل، أشارت المصادر إلى أن التشدد الرقابي الذي تبديه هيئة أسواق المال في آلية التعامل مع الشركات التي تفوح منها روائح التلاعبات تأتي في إطار حماية المساهمين والمستثمرين وتنظيف السوق وحماية سمعة البورصة، مشيرة إلى أن السوق سيبقى فقط للشركات التي تحظى بالثقة الرقابية وملتزمة بتطبيق القانون والتعليمات والمعايير والممارسات، التي تسطرها الهيئة وتستمدها من ممارسات واقع عالمي.

وألمحت المصادر إلى أن سقوط شركة «توشيبا» كواحدة من أعرق الشركات العالمية بدأ منذ عام 2015 بعد الكشف عن الممارسات المحاسبية الخاطئة، إذ ثبت أن الشركة قامت بتضخيم تقديرات أرباحها بمقدار 1.59 مليار دولار واستمر هذا الوضع حيث تم كشف المزيد من المخالفات المحاسبية في 2020، وقبلها العديد من الشركات والبنوك حول العالم، التي كان العامل المشترك بينها هو التلاعبات المحاسبية.

وأضافت أن القرارات التي طالت العديد من الشركات من جانب هيئة الأسواق وألغت إدراجاتها قد تتبعت فيها الهيئة الممارسات العالمية التي تستند عليها في كل مساراتها وبهدف تنمية سوق رأس المال وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التي تمثل أبرز شهادة بسلامة التشريعات وكفاءتها