لا جديد في الكلام عن المجلس والحكومة وأزمة الدولة التي تراوح مكانها إذا لم تكن «خلفاً در»... أكاديميون في ندوة دراسية ناقشوا واختلفوا في أسباب الجمود والتخلف السياسي بالدولة، ومن هو المسؤول عن حالة المرض الكويتي.

د. علي الطرح يقول باختصار إنه لا توجد فائدة من استمرار الحال، فطالما ظلت هناك انتخابات نيابية فالناس ستنتج العينة ذاتها من النواب، والنتيجة هي التراجع على كل الصُّعُد، بينما يختلف معه زميله د. علي الزعبي ويري أن الحل الدائم يكون في الملكية الدستورية، أما الزميل أحمد باقر فيرى أن الأزمة في هذه الحكومة «المستقيلة» أنها سارت على هوى المجلس النيابي وتركته يتدخل في اختصاصاتها.

Ad

خلاصة الكلام هو «وين ما طقها عوجه» ومللنا من اجترار الكلمات ذاتها وإعادة استفراغها على صفحات الإعلام من دون جدوى، فالأمور سيئة وتسير إلى الأسوأ مع المجالس النيابية المختلفة في مسائل الحريات الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، أيضاً الحكومات على اختلافاتها هي في جوهرها سلطة مشيخية بمجتمع عشائري في تكوينه التاريخي، وهي «المشيخة» التي تكرر ذاتها وتعيد إنتاج نفسها ببشوت مختلفة الألوان لكن النهج الفكري هو ذاته لا يتغير في جوهره.

حين يتحدث أكاديميون وغيرهم من الناشطين عن الديموقراطية الكويتية فهذه ثرثرة لغوية، فلم تكن عندنا يوماً ما ديموقراطية، فلا ديموقراطية دون تداول السلطة ودون أحزاب ببرامج عمل واضحة، وأهم من الاثنين وجود وعي سياسي شعبي بمفهوم الديموقراطية.

بعد مرور أكثر من ستين عاماً على التجربة الدستورية، مازلنا في المكان ذاته، والكلام عن الدستور الديموقراطي غير صحيح، فدستورنا الذي يحدد هوية الدولة بالدين ويلفق بين المادتين الرابعة والسادسة في جوهره غير ديموقراطي، لكنه يظل أهون الشرين وأخف الضررين وحلاً وسطياً كان من المفروض تطويره لمزيد من الحريات، لكن هذا لم يحدث بفضل ثقافة السلطة الحاكمة التي رفضت هذا الدستور منذ البدايات وتحديداً بعد وفاة عبدالله السالم، وراهنت فيما بعد على قوى دينية متحجرة لتؤكد تفردها بالحكم مرتدية جلباب الورع والتقوى الأصولي.

غرس الخيار الديني ودفع الناس نحوه كبديل للديموقراطية العلمانية الليبرالية لم يكن قصراً على الكويت وإنما هو تيار جارف عمَّ العالم العربي بعد هزيمة 67 وانحسار القومية العربية لتحل مكانها القومية الدينية، وهذا كلام موجه لمن يتصور أن الكويت حالة فريدة بخصوصيتها في الجري للرهان الديني مثلما كتب وحلل الزميل عبداللطيف الدعيج في إشارة منه إلى سنوات الشيخ سعد العبدالله رحمه الله.

أي كلام عن ديموقراطية دون وعي الأكثرية بمضامينها التقدمية لا معنى له، وأي ديموقراطية ليست ليبرالية علمانية، تحترم فيها الأغلبية حقوق الأقلية وتتقبل فكرة التسامح ليست ديموقراطية أبداً، هذا لا يعني تبني وهم «المستبد العادل» فهذا المستبد العادل الذي سيقود الدولة للتنمية والحريات في ثقافة شعوبنا وهم قاتل، ولا يمكن له أن ينتج «لي كوان هو» ولا غيره من رموز نمور دول جنوب شرق آسيا ولا غيرهم من الاستثناءات التاريخية... ما الحل؟! أنتم أبخص، والمسألة لايصة!