في وقت دقّ مسؤولون فلسطينيون ناقوس الخطر، بسبب ارتفاع نسبة النازحين إلى مدينة رفح، المتاخمة للحدود المصرية، وسط ظروف إنسانية ومعيشية كارثية جراء الحرب الانتقامية التي يشنها الاحتلال على حركة حماس منذ 82 يوماً، عقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أمس، قمة تناولت «التطورات الخطيرة في غزة، وسبل وقف إطلاق النار في القطاع»، بالتزامن مع وصول وفد من السلطة الفلسطينية برئاسة حسن الشيخ إلى القاهرة لمناقشة مقترحات بشأن سبل وقف العدوان الإسرائيلي، ومستقبل إدارة المنطقة المحاصرة والمعزولة عن الضفة الغربية المحتلة في اليوم الأول بعد انتهاء القتال، والأفق السياسي للقضية الفلسطينية.

وجدد الزعيمان تأكيدهما عقب المباحثات على رفضهما تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم داخلياً.

Ad

وجاءت زيارة الملك المفاجئة للعاصمة المصرية، التي تكثف جهودها الرامية لإطفاء الحرب، بعد لقاء تشاوري جمع وزير الخارجية سامح شكري، ونظيره الأردني أيمن الصفدي في القاهرة أمس الأول.

في غضون ذلك، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن المملكة عقدت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، لمواجهة الأحداث المؤلمة التي يتعرض لها أشقاؤنا في غزة ولإيجاد حراك عربي وإسلامي مشترك، للضغط على المجتمع الدولي نحو اتخاذ مواقف جادة وحازمة لوقف العدوان الإسرائيلي، والسماح بدخول المساعدات للقطاع.

في موازاة ذلك، أجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، ليل الثلاثاء، محادثات هاتفية مع أمير قطر، تميم بن حمد، الذي تقود بلاده جهود الوساطة بمشاركة القاهرة بين إسرائيل و«حماس»، حيث ناقشا الجهود العاجلة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة بما في ذلك المواطنون الأميركيون.

وقال بيان للبيت الأبيض، إن بايدن ناقش مع أمير قطر الجهود الجارية لتسهيل التدفق المتزايد والمستدام للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى غزة، في حين أوضحت الدوحة أن الجانبين تطرقا إلى جهود الوساطة المشتركة لتهدئة الأوضاع والتوصل إلى وقف دائم للنار.

ومع بروز خلافات بين البيت الأبيض والدولة العبرية بشأن المعاناة التي تسببها الحرب للمدنيين، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، التخطيط لليوم التالي لانتهاء القتال، بما في ذلك الحكم والأمن في غزة.

وتناولت المباحثات «الانتقال إلى مرحلة مختلفة من الحرب لتحقيق أقصى قدر من التركيز على أهداف حماس ذات القيمة العالية».

مزاعم وهجوم

وفي ظل الجهود النشيطة التي تقوم بها الدوحة والقاهرة لبلورة موقف فلسطيني موحد لمواجهة المستجدات التي فرضتها الحرب وما سينتج عنها من تطورات، زعم وزير الدفاع الإسرائيلي يوفي غالانت خلال جلسة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أن الدولة العبرية شرعت في محادثات مع مصر بهدف التوصل إلى تفاهمات حول «بناء عائق حدودي متطور» على طول الحدود المصرية مع القطاع الفلسطيني المتاخم لسيناء، وقال إن إسرائيل لا تعتزم احتلال رفح ومحور «فيلادلفيا» الذي غادرته عقب انسحابها الأحادي من غزة عام 2005.

في موازاة ذلك، شنّ وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموترتش، انتقادات حادة للقاهرة، متهما إياها بالسماح بدخول كميات هائلة من الذخائر إلى غزة في الماضي.

وقال سموترتش، إنه يجب على مصر أن تسمح لسكان غزة بالمرور عبر الحدود المصرية، حتى يتمكنوا من الهجرة إلى بلدان أخرى.

ورفض الوزير الذي يرأس حزب «الصهيونية» الاقتراح الأخير الذي تقدمت به مصر وقطر لإنهاء الحرب التي تسببت في مقتل أكثر من 21 ألف فلسطيني حتى الآن، زاعماً أنه لا دور لهما في مستقبل المنطقة التي كانت تخضع لإدارة القاهرة حتى عام 1967. وجاء ذلك في وقت شهد اجتماع عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي عاصفة من التراشق والانتقادات التي وجهها سموترتش ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غِفِير، ضد التسهيلات التي أقرها «الكابينت المُصغَّر لإطعام الوحش الذي يقاتله الجيش بغزة». وأقر الكابينت بزعامة نتنياهو زيادة طفيفة في إدخال الوقود للقطاع الذي انتشرت فيه مجاعة وتعطلت به جل الخدمات الصحية والمعيشية، في خطوة رأى بن غفير أنها استجابة لطلب أميركي على حساب المصالح الإسرائيلية.

قصف وحشر

ميدانياً، زاد الجيش الإسرائيلي من ضرباته مع مواصلته للحرب التي قال، إنها ستمتد لأشهر كثيرة رغم المخاوف الشديدة على الوضع الإنساني خصوصاً في ظل نزوح نحو 1.9 مليون نسمة من سكان القطاع المكتظ بـ2.3 مليون شخص، وتكدس مئات الآلاف بمنطقة ضيقة في رفح المتاخمة للحدود المصرية.

وذكر الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، أن القوات الإسرائيلية «تقاتل في خان يونس في الجنوب وفي جباليا بالشمال وتوسع عملياتها في مخيمات اللاجئين في وسط القطاع».

وقُتل أكثر من 240 فلسطينياً خلال 24 ساعة في غارات إسرائيلية، في حين ارتفع عدد القتلى من الجيش إلى 162 في غزة.

ومع استمرار احتمالات انفجار الاضطرابات التي تشهدها الضفة الغربية المحتلة، أسفرت عملية للجيش الإسرائيلي في طولكرم عن 6 قتلى وعدد من الجرحى.

وعلى جبهة أخرى، أعلن «حزب الله» مصرع أحد عناصره «على طريق القدس» بغارة إسرائيلية، وقال إنه أطلق 18 صاروخاً على منطقة رأس الناقورة حيث اعترضت القبة الحديدية الإسرائيلية 6 منها.

وليل الأربعاء، تبنّت جماعة «أنصار الله» الحوثية هجوماً بطائرة مسيّرة على سفينة قبالة ميناء الحديدية، وإطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل تم اعتراضه ليل الأربعاء.

ترحيل وإرهاب

في هذه الأثناء، اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة جافيريا بيتانكور إسرائيل بالعمل على إخراج سكان غزة من القطاع بالكامل وترحيلهم بشكل جماعي وقسري، في حين قال الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، إن «الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل الإرهابية في غزة هي إهانة للإنسانية جمعاء. كوبا، التي لن تكون غير مبالية أبداً، ترفع صوتها مراراً وتكراراً للدفاع عن فلسطين».