في وقت لا تزال الحرب على غزة تهدد بانفجار إقليمي في ظل عجز إسرائيل عن تحقيق إنجازات ميدانية تبني عليها معادلات سياسية في القطاع الفلسطيني، ارتفع منسوب التوتر إلى مستوى خطير في العراق بين واشنطن والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، التي بدا أنها ستلجأ إلى ضبط النفس بعد أن اغتالت تل أبيب أرفع جنرال للحرس الثوري في سورية رضا موسوي وثلاثة من مساعديه.

وشنّ الجيش الأميركي سلسلة ضربات ليل الاثنين ــ الثلاثاء على منشآت «كتائب حزب الله» العمود الفقري لتحالف «المقاومة الإسلامية في العراق» المدعوم من طهران، والذي تبنى معظم الهجمات على القوات الأميركية في العراق وسورية منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر الماضي. وجاء الرد الأميركي بعد أن أصيب للمرة الأولى منذ نوفمبر 3 جنود أميركيين، أحدهم حالته حرجة، في قصفٍ للميليشيات على مطار أربيل أمس الأول. ووجدت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني نفسها مرة أخرى في موقف حرج، حيث دانت استهداف الفصائل المنضوية اسمياً إلى الحشد الشعبي، وفي الوقت نفسه دانت الهجمات على القواعد الأميركية.

Ad

من ناحية أخرى، شهدت طهران حالة من الغليان بعد إعلان مقتل موسوي أحد أبرز رفاق الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتالته واشنطن في مطار بغداد خلال يناير 2020. وخرجت تظاهرات مطالبة بالثأر من إسرائيل التي نفذت غارة على منزل موسوي قرب منطقة السيدة زينب في دمشق.

ورغم توعد العديد من المسؤولين الإيرانيين بالرد على مقتل موسوي، بدا أن طهران ستلجأ مرة جديدة إلى ضبط النفس، إذ تعهد المتحدث باسم الخارجية بـ «رد ذكي» على تل أبيب يحول دون تحقيقها أهدافها من عملية الاغتيال.

وبحسب المعلومات، كان موسوي هو المسؤول عن التنسيق العسكري مع دمشق، ما يعني عملياً أن طهران ستسعى إلى زيادة التنسيق مع حكومة الرئيس بشار الأسد رغم رفضه مطلباً إيرانياً، حسب معلومات نشرتها «الجريدة»، بفتح جبهة الجولان بشكل كامل مع إسرائيل. ويبدو أن تل أبيب نفذت الاغتيال مستفيدة من التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران مع تزايد الاتهامات الأميركية للجمهورية الإسلامية بالضلوع في هجمات الحوثيين في اليمن على السفن بالبحر الأحمر وباب المندب على خلفية حرب غزة، وهي القضية التي تشكل ضغطاً كبيراً على إدارة الرئيس جو بايدن التي كثيراً ما قدمت نفسها على أنها حامية الممرات الملاحية الاستراتيجية في المنطقة.

وعلّق السفير الإيراني في دمشق حسين أكبري على مقتل موسوي، بقوله إن لديه حصانة دبلوماسية و«أمنه مسؤولية سورية الدولة المضيفة».

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان إن على إسرائيل أن تنتظر عداً تنازلياً صعباً، في حين رجح خبراء أن يكون رد طهران المحتمل على اغتيال موسوي عبر أحد حلفائها سواء في العراق أو لبنان عبر «حزب الله» أو في جنوب سورية أو عن طريق الحوثيين في اليمن وحتى في غزة، دون أن يصل الأمر لرد عسكري مباشر، كما حدث عند ثأرها لسليماني بقصف مباشر على قواعد أميركية في العراق، وإن لم تؤد إلى مقتل جنود.

وأكد مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لـ «الجريدة» أن موسوي كان قد أمر الحرس الثوري بإعداد لائحة لضباط إسرائيليين وخطط جاهزة لاستهدافهم بعد مقتل جنرالين من الحرس مؤخراً في سورية. وبحسب المصدر، طلب خامنئي أمس تسليمه اللائحة والخطط لاختيار هدف محتمل للرد على اغتيال موسوي.

وألمح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى أنه تم تنفيذ أعمال انتقامية في العراق واليمن وإيران.

وقال لنواب الكنيست: «نحن في حرب متعددة الجبهات، ونتعرض للهجوم من سبع مناطق: غزة ولبنان وسورية ويهودا والسامرة (الضفة الغربية) والعراق واليمن وإيران. وقمنا بالرد في 6 مناطق».

اشتباكات بين أنصار الصدر والخزعلي

وقعت اشتباكات مسلحة، ليل الاثنين- الثلاثاء بين عناصر «سرايا السلام» التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وميليشيات «عصائب أهل الحق» المقربة من إيران بقيادة قيس الخزعلي في منطقة العامل ببغداد.

وأوضحت وسائل إعلام محلية، بينها «بغداد اليوم»، أن تلك الاشتباكات المسلحة تعود إلى إزالة لافتات تحمل صور قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقي أبومهدي المهندس، اللذين قتلا في غارة جوية أميركية قرب بغداد مطلع عام 2020.

وأظهرت مشاهد على منصات التواصل جانباً من اشتباكات الطرفين وأصوات إطلاق النار الناتجة عن ذلك. وبحسب شهود عيان، فإن القوات العراقية حظرت الخروج والدخول من وإلى هذه المنطقة التي تشهد الاشتباكات، في خطوة للسيطرة على الوضع هناك.