يتطور التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان، فيما يحافظ «حزب الله» على توجيه ضربات مشابهة للضربات التي ينفذها منذ 8 أكتوبر، مع رفع منسوب نوعية الأسلحة المستخدمة، لكن الإسرائيليين يذهبون إلى ما هو أبعد، من خلال إعلاناتهم أن استهداف مواقع وبنى تحتية للحزب، وصولاً إلى ما جرى التداول به في الداخل الإسرائيلي حول استهداف أنفاق ومخازن صواريخ دقيقة وثقيلة لـ «حزب الله».

يأتي التصعيد الإسرائيلي في ظل استمرار المفاوضات والمساعي لوقف إطلاق النار والوصول إلى ما يشبه التفاهم حول اعادة الاستقرار. وهو استقرار لا يريد الأميركيون ولا الإيرانيون له أن يهتز.

Ad

ومن أبرز المؤشرات على ذلك ما أعلنته فصائل عراقية عن استهداف حقل كاريش في البحر الأبيض المتوسط بطائرة مسيرة. وهذا يؤشر إلى أن حزب الله لا يريد التصعيد من لبنان لذلك لم يستهدف كاريش لأن ذلك سيؤدي إلى الإطاحة بكل التفاهمات التي بنيت منذ ترسيم الحدود البحرية.

في هذا الإطار، لا يزال لبنان يتلقى رسائل متناقضة ومتضاربة، بعضها يشير إلى أن المفاوضات السياسية والديبلوماسية يمكنها أن تفضي إلى حلّ يسحب فتيل التصعيد الكبير. في مقابل رسائل أخرى تشير إلى جدية الإسرائيليين في تهديداتهم، وبأنهم سيصلون إلى مكان فيه إحراج كثير في حالة عدم اقدامهم على تنفيذ أي عمل عسكري يحقق لهم نتائج، وبالتالي يمكن أن يتورطوا ويورطوا العالم معهم.

حزب الله لا يزال على موقف واضح يبلغه إلى كل من يتواصل معه، بأنه غير معني بكل التهديدات، وسيواصل عملياته العسكرية مادامت الحرب على غزة مستمرة، وأنه بعد توقفها سيعود الوضع إلى ما كان عليه قبل «طوفان الأقصى».

ولكن في جزء من الردود الإسرائيلية والدولية على هذا الكلام، بعض من التهويل، باعتبار أن الإسرائيليين لن يقبلوا بأن يكون الحزب هو الذي يفرض شروطه، وليس بالضرورة أن ينطبق ما يقوله أن المواجهة في جنوب لبنان ستتوقف بمجرد توقف الحرب على قطاع غزة، إنما قد يلجأ الإسرائيليون الى تحويل المعارك نحوه. لكن الحزب يبدو واثقاً من عدم حصول ذلك لأن الإسرائيلي غير قادر وسيتكبد أكلافاً كثيرة.

حتى الآن وعلى الرغم من كل التصعيد العسكري المشهود في الجنوب، والتهديدات والرسائل التي يتم ايصالها إلى لبنان، تبقى هناك وسائل متعددة لنزع الألغام، أو سحب الذرائع للتصعيد العسكري.

بينما هناك وجهات نظر تشير إلى أن أي اتفاق سيتم الوصول إليه لا بد أن يمر بضربة معينة هي التي تكرس اتفاقاً جديداً، على قاعدة طبخه على نار حامية وليس على البارد. بمعنى أن أي قرار أو اتفاق مهم في جنوب لبنان وعلى الجبهة مع إسرائيل لا بد أن يحصل بناءً على ضربة عسكرية أو بالأحرى مواجهة. خصوصاً أن ضربات الحزب للإسرائيليين ستكون قاسية ومؤذية. وقد لا تكون هذه الضربة هي عبارة عن حرب وجودية، إنما معركة من ضمن المعارك بين الحروب، خصوصاً أن الأجواء متناقضة حول المفاوضات الدائرة إذ تشير المعلومات إلى أن لا تقدم يتم تحقيقه في سبيل فصل جبهة لبنان عن غزة، وشبه استحالة ما تسعى إسرائيل الى تحقيقه وهو تراجع النشاط العسكري لحزب الله إلى مسافة تبعد حوالى 10 كيلومترات عن الحدود.