شهد يوم أمس ارتفاعاً في منسوب العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي غارات بالطيران الحربي على طول الحدود، وترافق ذلك مع تحليق مكثف للطيران الحربي وطائرات الاستطلاع في الأجواء اللبنانية من الجنوب إلى الشمال وعلى طول الساحل وصولاً إلى البقاع.
وتحاول إسرائيل تغيير قواعد اللعبة خصوصاً لجهة الأهداف التي تعمل على ضربها للاستفادة من استمرار الدعم الغربي خصوصاً الأميركي، وهي تريد الإشارة إلى أن «حزب الله» يمثل تهديداً جوهرياً لها، في وقت يرى الكثير من الخبراء أنه لا يمكن لتل أبيب أن ترضى بالمعادلة الأمنية والعسكرية الجديدة التي تتحكم الآن بالحدود مع لبنان.
ومع استمرار التحركات السياسية والدبلوماسية للبحث عن كيفية تجنّب التصعيد واستعادة الهدوء، خصوصاً في ظل ما يطرح حول تطبيق القرار 1701 أو غيره من السنياريوهات، لا تزال الأجواء متضاربة حول ما سيقدم عليه الإسرائيليون، وهناك من لا يزال يبدي تخوفاً جدياً من لجوء تل أبيب، ربما بعد وقف إطلاق النار في غزة، إلى حرب واسعة وفعلية ضد «حزب الله» ترسي معادلة جديدة على الحدود.
هدف آخر تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في ظل المعلومات عن استهدافها مواقع أو مخازن أسلحة لـ «حزب الله». ويتعمد الجيش الإسرائيلي الإعلان عن استهداف مقرات أو مراكز قيادة أو مناطق إطلاق صواريخ لإيصال رسالة بأن اسرائيل لديها المعلومات الكاملة حول أماكن تخزين حزب لله لصواريخه، وأنها تعمل على استهدافها في سبيل تكريس فعلي للقرار 1701.
وتتضمن عمليات الاستهداف رسائل واضحة للحزب بأن عليه سحب هذه الأسلحة إلى شمال نهر الليطاني، وانه في حال بقائها فستكون هدفاً للقصف.
وهذا يعني بشكل أو بآخر أن ما يجري هو نوع من التفاوض بالنار، ولكنه يبقى محفوفاً بالمخاطر في حال حصول أي خطأ بالحسابات أو بالإحداثيات.
ويحصل في ظل مساعي الولايات المتحدة لفصل مسار الجبهة اللبنانية عن الفلسطينية، وهذا ما ركز عليه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته لبيروت، حيث شدد على ضرورة عدم انزلاق لبنان وحزب الله إلى حرب واسعة مع إسرائيل، للحفاظ على مكتسبات الترسيم البحري وانسحابه لاحقاً على الترسيم البري بعد وقف إطلاق النار في غزة.
هنا سيكون محطّ التركيز الإيراني في مقابل الأفكار التي يجري التداول بها حول تطبيق القرار 1701، خصوصاً السيناريو القاضي بانسحاب إسرائيل من النقاط الـ 13 المختلف عليها، وربما نشر قوات دولية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ريثما يتم الوصول إلى اتفاق بشأنها بين لبنان سورية وإسرائيل.
وكان رئيس المخابرات المركزية الأميركية وليم بيرنز اقترح خلال زيارة إلى بيروت قبل عامين تقاسم المزارع بالتساوي بين إسرائيل وسورية ولبنان.
الوصول إلى مثل هذه الترتيبات يعني عملياً إنهاء جميع القضايا العالقة بين لبنان وإسرائيل، ورغم أن ذلك يسمح لحزب الله بتقليص وجوده على الحدود وهذا ما تطالب به تل أبيب وواشنطن الا أنه يضع كذلك علامات استفهام حول مبررات مواصلة الحزب الاحتفاظ بسلاحه.
ولذلك تحتاج ترتيبات من هذا النوع إلى صفقة شاملة مع إيران تشمل المساحة الممتدة بين لبنان وسورية، وهنا لا يمكن التغاضي عن الزيارات الكثيرة التي يجريها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى بيروت ودمشق، والتي بلغت 6 زيارات في غضون أقل من عام.