وجدت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نفسها أمام معضلة تتزايد تعقيدا، بعد الهجوم الواسع الذي شنته فصائل عراقية موالية لإيران، حسبما قالت واشنطن، على السفارة الأميركية في بغداد أمس الأول، في تصعيد هو الأكبر ضد التواجد الأميركي بالعراق منذ بدء حرب غزة في أكتوبر الماضي.

وتعهد السوداني، في اتصال مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ليل الجمعة - السبت، بحماية البعثات الدبلوماسية والعاملين ضمن بعثة التحالف الدولي ومنشآته، لكنه حذر واشنطن في الوقت نفسه من الرد المباشر على الفصائل دون موافقة بغداد، مذكرا بالضربة الأميركية في جرف النصر التي ادت الى مقتل أكثر من 12 مقاتلا من ميليشيا حزب الله العراقي، المنضوية في تحالف «المقاومة الإسلامية في العراق»، والتي تتبنى الهجمات ضد الأميركيين في سورية والعراق منذ 7 أكتوبر.

Ad

في المقابل، أشار أوستن إلى أن «مجموعتي كتائب حزب الله وحركة النجباء، المصنفتين على لوائح الإرهاب والمدعومتين من إيران، مسؤولتان عن معظم الهجمات ضد القوات الأميركية وقوات التحالف»، حسبما ذكر بيان «البنتاغون».

وأكد أوستن أن «واشنطن تحتفظ بحق الرد الحاسم ضد تلك المجموعات»، لافتا إلى أن الهجمات التي تشنها «الميليشيات المدعومة من إيران تقوض سيادة العراق واستقراره، وتهدد سلامة المدنيين العراقيين، وتعرقل الحملة لهزيمة داعش وأن هذه الهجمات يجب أن تتوقف فورا».

كما تطرق الاتصال إلى التزام الحكومة العراقية بحماية الدبلوماسيين والعاملين في إطار التحالف ومنشآته. ورحب أوستن ببيان السوداني، الذي أدان الهجوم، ووصفه بأنه عمل «إرهابي»، يعرض الأمن الداخلي للدولة للخطر، كما أدانت وزارة الخارجية الأميركية «بشدة»، الهجمات الصاروخية التي تعرض لها محيط سفارتها في العاصمة بغداد.

وسقط 12 صاروخاً أمس الأول قرب محيط السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء، كما تعرضت القواعد الأميركية والتحالف الدولي لخمس هجمات إضافية، اثنتان منها على عين الأسد غرب العراق، وثلاث هجمات مماثلة في سورية، بصواريخ ومسيرات، بحسب مسؤول أميركي، بينما سقطت 4 طائرات مسيرة بمطار أربيل الدولي في كردستان، وانفجرت خامسة، على بعد أقل من 500 متر من تجمع «سي بيران» السكني المجاور للمطار.

من جهة أخرى، قال اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، في بيان أمس، إن الأجهزة الأمنية المختصة توصلت إلى خيوط مهمة حول العناصر التي قامت بالاعتداء الإرهابي على مبنى السفارة الأميركية ومقر جهاز الأمن الوطني ومبان سكنية داخل المنطقة الخضراء الحكومية فجر الجمعة.

وأوضح أنه تمت «إحالة الضباط والمنتسبين، من القطعات الماسكة والمفارز المختصة ضمن هذا القاطع، إلى لجان تحقيقية مختصة لمحاسبة المقصرين منهم، فيما تقرر تبديل الفوج الرئاسي بفوج من الفرقة الخاصة لمسك القاطع».

وأكد رسول أن «فريق العمل يواصل، بإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة، ملاحقة مرتكبي هذا الفعل الإجرامي لإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن».

وأضاف: «إن الإجراءات الأمنية ستكون حازمة بحق العناصر التي أقدمت على هذا الفعل الإرهابي، وستكون تحت طائلة القانون، لاسيما أن الأجهزة الأمنية المختصة توصلت إلى خيوط مهمة عنهم».

وأشار إلى أنه تم «منح القوات الأمنية صلاحيات واسعة للتصدي الفوري لأي عمل يمس أمن البعثات الدبلوماسية ومواقع تواجد المستشارين الدوليين، وعدم التهاون بهذا الأمر مطلقاً».

عبداللهيان

إلى ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، في اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، من انفجار لا يمكن السيطرة عليه في المنطقة، إذا مضت إسرائيل بعدوانها على قطاع غزة بدعم أميركي، كما أجرى الوزير الإيراني اتصالا بإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس حول التطورات في غزة.

وفيما بدا أنه رد على الاتهامات الأميركية، قال عبداللهيان، في تصريحات منفصلة، إن «الأميركيين طلبوا من طهران إبلاغ فصائل المقاومة بوقف هجماتها ضد قواعدهم في المنطقة، وقد أكدنا لهم أن فصائل المقاومة تعمل بشكل مستقل ونحن نحترم قراراتها»، مشددا على أنه «لم يتم إنجاز أي اتفاق حول الوضع الفلسطيني بما في ذلك اتفاق الهدنة المؤقت دون استشارة إيران».

وخلال اتصال مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، قال عبداللهيان إن الحل السياسي المناسب للقضية الفلسطينية هو «إجراء استفتاء للأمم المتحدة بين السكان الأصليين في فلسطين، بما في ذلك المسيحيون والمسلمون واليهود».

جبهة لبنان

وفي لبنان، تواصلت المناوشات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على الجبهة اللبنانية، وقال المتحدث العربي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن إسرائيل شنت أمس غارات على سلسلة أهداف لـ«حزب الله» في لبنان، من بينها مقرات قيادة للعمليات.

في المقابل، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن الغارات أصابت بلدة عيتا الشعب الحدودية الجنوبية.

يأتي ذلك، غداة إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سوري وثلاثة من حزب الله اللبناني، من وحدة الرصد وإطلاق الصواريخ، في غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة أجرة كانت تقلهم في مدينة البعث التابعة لمحافظة القنيطرة، جنوب سورية.

وليل الخميس - الجمعة قصفت إسرائيل «بثمانية صواريخ مواقع في محافظة ريف دمشق الجنوبي الغربي، وموقعاً عسكرياً للجيش السوري في شرق بلدة حضر بالقنيطرة، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، حسبما أفاد المرصد الذي أشار إلى أن ذلك جاء رداً على «قصف الجولان السوري المحتل».

وأعلن المرصد الأسبوع الماضي مقتل ضابطين في الحرس الثوري الإيراني ومقاتلين مواليين لحزب الله في غارات إسرائيلية قرب دمشق، بعد أقل من 24 ساعة على انتهاء هدنة استمرت سبعة أيام بين إسرائيل وحماس.

نائب رئيسي

في غضون ذلك، اعتبر رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس، خلال استقباله النائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر، أمس، أن «محور المقاومة ستكون له الكلمة الفصل للقضاء على المؤامرات الأميركية في الشرق الأوسط، ومنها محاولة محو غزة من على الخريطة»، ووصف العدوان الإسرائيلي عليها بأنه «غريب ويفوق الخيال ويحدث أمام أعين العالم».

وأكد عرنوس أن «إيران وسورية بسبب سعيهما إلى الاستقلال، يواجهان دائماً ضغوطاً واسعة النطاق من قبل الاستكبار العالمي والولايات المتحدة والدول الغربية، باعتبارهما ركائز أساسية لمحور المقاومة»، مؤكداً أن «الحكومة والشعب السوري لن يغيرا مواقفهما وسيتحركان دائماً في طريق المقاومة». وكانت تقارير أفادت بأن دمشق رفضت طلبا إيرانيا لفتح جبهة الجولان.