تعتبر مبادئ الحوكمة من أهم ركائز الإدارة الرشيدة، وتولي هيئة أسواق المال أهمية كبرى لتحقيق مبادئها بما يتفق مع رؤية الكويت 2035، التي تتضمن تبني نظام حوكمة شامل وفعّال للقطاع العام بجميع مستوياته، وقد استرشدت الهيئة بذلك في تطبيق نظام حوكمة ذاتي، إذ استمرت في تطبيق سياسة الإفصاح الكامل على مفوضيها وموظفيها لمنع تعارض المصالح واستغلال المعلومات الداخلية بما يحقق حماية لمصالح الأشخاص المرتبطين بعمل الهيئة، ويعزز الثقة من جهة وبما يتفق مع قيم الهيئة من جهة أخرى، وأعملت نظاماً للتحقق من ذلك بشكل مستمر.

واستطاعت الهيئة، من خلال ذلك، الحصول على المركز الأول لأربع سنوات على التوالي في ترتيب الجهات ذات الميزانيات المستقلة في استيفاء متطلبات الحوكمة، وأعلى نسبة مئوية بين جميع الجهات الحكومية، ويأتي ذلك نتاج عمل دؤوب مستمر بتفان ومخطط ومنظم وفق أعلى معايير الاداء العالمية. وإذ تتطلع الهيئة إلى تحقيق نسبة أعلى في استيفاء متطلبات الحوكمة لتصل الى نسبة 100% إلا أنه قد حال دون ذلك بعض المعايير التشريعية التي تتطلبها خصوصية الهيئة بوصفها جهة رقابية شبه قضائية ذات ارتباط دولي.

Ad

وبهذا الصدد، تود الهيئة أن توضح أنه بناء على ذلك أسند إلى مجلس مفوضيها كل الصلاحيات المتعلقة بتنفيذ أحكام قانون الهيئة من إعداد واعتماد اللائحة التنفيذية واللوائح المنظمة، ومكن أعضاء المجلس من القيام بأعمال تنفيذية، وعليه فإن تنظيم أوضاع هيئة أسواق المال يختلف من الناحية القانونية والموضوعية والإجرائية عن باقي الجهات المستقلة الأخرى في الدولة، ذلك أن مجلس مفوضيها مكلف باختصاصات تتسع لتشمل الصلاحيات اللازمة لتسيير الأعمال اليومية، حيث لم يقف دوره عند التخطيط والإشراف والمتابعة على التنفيذ كما هو الشأن في الجهات المستقلة الأخرى كون جميع مفوضيها متفرغين.

وتابعت: «لذا أسند إلى رئيس مجلس مفوضيها أعمال المدير التنفيذي وأناط الى مجلس مفوضيها إصدار جميع القرارات لتنفيذ أحكام قانون الهيئة ولائحته التنفيذية، وقد جاء تولي رئيس مجلس المفوضين أعمال المدير التنفيذي إعمالاً للقانون والتزاماً بأحكامه وفقاً لمبدأ سيادة القانون، وأن مبدأ الفصل بين المنصبين وإن كان صحيحاً في شركات المساهمة فإنه لا يصح في المؤسسات الحكومية بشكل مطلق كون الرئيس ليس من ملاك المؤسسة الحكومية، ومن ثم يجب عليه مراعاة أصحاب المصالح الأخرى، إلى جانب مصلحته الشخصية، كما هو الشأن في شركات المساهمة».

وفيما يتعلق باستقلالية الهيئة فهو من متطلبات المنظمات الدولية التي أصبحت الهيئة عضوا فيها، بل في تولي عضوية مجلس إدارتها أيضا، لذا فإن المشرع كفل لها الاستقلال اللازم لمباشرة أعمالها، فقد منحها المشرع بشكل عام الاستقلال القانوني والاداري والمالي، وتأكيدا من المشرع لخصوصية قواعد وأحكام الهيئة اختتم نصوص قانون الهيئة بنص خاص يقرر صراحة «أن هذا القانون خاص وأن أحكامه خاصة وفي تطبيق أحكامه يلغى كل نص خاص أو عام يتعارض معها».

كما أنه وتلبية لاشتراطات العضوية في المنظمات الدولية، ولاستيفاء المعايير الدولية المعنية بالتقييم والتصنيف المالي، منح المشرع بشكل خاص الاستقلال الفني - إلى جانب الاستقلال الآخر المذكور آنفا - كشرط أساسي في هيئات الرقابة على الأسواق المالية، وجعل من القضاء وحده سلطة الرقابة عليه، في حالة الطعن على قراراته أو قرارات مجلس التأديب.

وفي الختام، فإن الهيئة تثمن دور ديوان المحاسبة في تصحيح المسار وصولا الى كمال الأداء، وتتقدم له بالشكر والتقدير على جهوده المخلصة في أداء أعماله، وان هذا الإنجاز ما كان له أن يتحقق إلا بفضل الله أولا ثم بدعم القيادة السياسية الرشيدة.