من المسؤول عن ضعفنا؟

فقد أصبح العرب غير مواكبين للتقدم العلمي في مجالات عديدة، ومتأخرين في مجالات عديدة أيضاً كالصناعة والاختراعات العلمية التكنولوجية... فمن المسؤول؟

Ad

هل من المعقول أن نحو 456 مليون نسمة ليس لدينا عقول تَصنع، وعقول تبتكر، وعقول ترفعنا في المجالات العلمية الحديثة؟ أين العلماء القدماء (جابر بن حيان وابن النفيس)؟ أين الروائيون والمفكرون؟ أين علماء الأمة في العصور القديمة الإسلامية (ابن الهيثم والخوارزمي وأبو بكر الرازي)؟ ولماذا بقينا دولاً نامية على مد العصور؟ هل بسبب ما قاد الأمة منذ العصور الوسطى، أم بسبب الانبطاح والانكسار وروح العزيمة للغرب في العصر الحديث؟ وهل القصور فيما يدور في كفة التعليم والدراسات والبحوث الاستراتيجية؟ وما الذي علينا فعله لِنرتقي كما تتطور الأمم، حيث لا ينقصنا المال ولا العقول؟

نعدّ من الدول الغنية، أي لدينا وفورات ضخمة في البنوك العالمية والاستثمارات الأجنبية واقتصاد قوي، فلماذا لا نوظفه في التنمية البشرية والصناعة عوضاً عن تقوية البنوك الغربية، ولماذا لا نستثمره في العقول بدلا من الكروش والبنوك؟

يمكننا استقطاب العقول الأجنبية إن كانت تنقصنا بدلا من الجاليات التافهة التي لا تُسمن ولا تغني من جوع، ويمكننا استنهاض العقول الذكية في إدارة البلدان العربية والإسلامية، إذا ما أردنا التطوير في الصناعة والتكنولوجيا.

ما لدينا من اقتصاد ضخم ووفورات مالية يُمكِّننا من استجلاب الصناعات التحويلية المهمة في صناعة قطع الغيار للسيارات والطائرات والأسلحة الثقيلة والخفيفة والصناعات الدوائية ومستلزمات الطب والهندسة، بدلا من الاعتماد على الغرب في تكنولوجياته.

وما تجدر الإشارة إلى أهمية ذكره في هذا المقام أن أهم الصناعات التحويلية كالآتي: صناعات الغذاء والبلاستيك والسيارات والسفن والطائرات والألمنيوم والأنسجة التي تستخدم في صناعات أخرى، فالصناعات التحويلية مهمة لتحريك اقتصاد السوق وسد عجز الموازنة، وخلق الوظائف، وبالتالي القضاء على البطالة، فضلاً عن الاكتفاء بالبلد من المنتجات المتنوعة، بدلاً من الاعتماد على الواردات الأجنبية أي تجعل البلدان مكتفية ذاتياً وتتمتع بالاستقلالية.

التحول نحو الصناعة، لا سيما الصناعات التسليحية، يجعل قرارك بيدك لا بيد الآخر (الغرب)، وهذا ما لاحظناه بداية في الصين وكوريا الشمالية وفنزويلا وروسيا، وإقليميا في إيران وعربيا في اليمن.

لذا نحن بحاجة لاستنهاض العقول وجلب الاستثمارات الأجنبية والعقول الصناعية من أجل نقلها إلى بلداننا بدلاً من بضاعة قابلة للاستنفاد، وأعني هنا النفط الأسود الذي سيصبح بضاعة غير مرغوبة لتأثير مشتقاتها على تلوث البيئة.

وبسبب فقرنا في الصناعة، لا سيما الصناعة التسليحية، صارت دولنا ضعيفة خاضعة لقرارات الأعداء، وبالتالي صعب علينا تحرير أراضينا بعد أن أصبحت الغرب وأميركا خصوصا يتحكمون في مصايرنا، ويفرضون علينا قرارات مذلة كما حصل في وعد بلفور، وكامب ديفيد، ووادي عربة، واتفاق أوسلو.

إن لم نستثمر العقول في العلم والتكنولوجيات المتطورة والمال في الصناعات التسليحية والتحويلية فسنبقى خانعين إلى أبد الآبدين.