الجميع يعرف أن الاستجواب أداة دستورية من حق النائب استخدامها متى ما رأى وجوبها، وقد اعتاد المواطنون على ذلك منذ بدء الممارسة السياسية والديموقراطية قبل ستين عاماً، لذلك أستغرب جزع البعض من استخدام هذا الحق الدستوري وتوجيه اتهامات خطيرة للمستجوب واستغلال الاستجواب لخدمة حالة العبث السياسي الذي ما زلنا نعانيه والتقول على أطراف الاستجواب لإشاعة الفوضى السياسية وحساب الطرفين لأحد أطراف الصراع.

وبعيداً عن الاستجواب ومحاوره وردود المستجوب عليها علينا كمتابعين أن نشكر المستجوِب والمستَجوَب على إعادتهما الحياة للدستور والعمل السياسي الراقي الذي جبلت عليه الكويت، وتعودنا عليه قبل نشأة الصراع السياسي العبثي الذي أفقد الدستور روحه والديموقراطية أنفاسها والعمل السياسي المتزن وقاره وهيبته.

Ad

انتهى الاستجواب المقدم من النائب الفاضل مهلهل المضف لسمو رئيس الوزراء، وطويت صفحة من صفحات العمل السياسي الرزين، ومارس النائب حقه الدستوري كما مارس رئيس الحكومة حقه في الرد، وهو أمر يجب ألا ينزعج من أحد، فممارسة العمل السياسي لا ضغينة فيها ولا خصومة فاجرة، ولن تفسد للتعاون قضية، ولن توقف عجلة الخريطة التشريعية والتعاون النيابي الحكومي، بل باعتقادي أن الاستجواب رسّخ هذا التعاون وحصنه، وجعل الحكومة ورئيسها يلتزمون به أمام الشعب الكويتي المتفائل بهذا التعاون لأول مرة في تاريخ الكويت السياسي.

الآن وبعد انتهاء هذا الاستجواب أصبحت الحكومة ملزمة بتنفيذ تعهداتها في تحسين معيشة المواطنين وتخفيف الأعباء المالية عنهم، والتفرغ لإصلاح النظام السياسي، والاستمرار في مكافحة الفساد، وحل المشاكل العالقة منذ عقود، فلا يمكن أن يبرر لها أي تعطيل أو تأخير كي تنجز الملفات العالقة ولديها دعم برلماني وشعبي لم يسبق لحكومة الحصول عليه في التاريخ، الأمر الذي يجعل مسؤوليتها أكبر وأضخم مما هو الأمر في الحالات السابقة والتحالفات ذات المصالح الفردية أو الشخصية.

يعني بالعربي المشرمح:

الاستجواب لا يفسد للتعاون قضية، وعلى الحكومة ومن يؤيدها ألا ينزعجوا من أداة دستورية أقسم الجميع على احترامها، كما أن الاستجواب أداة لتعديل المسار إن انحرف أو تعطل، وتنبيه للحكومة على جدية التعاون، والاستمرار لاستقرار سياسي من شأنه أن يطوي ملفات الماضي، ويفتح آفاق التنمية والازدهار والابتعاد عن المهاترات والمساومات السياسية التنفيعية، فهل يستمر هذا التعاون ويثمر نتائج إيجابية للوطن والمواطنين، أم ينحرف عن مساره ونعود للمربع الأول؟