الإرهاب كظاهرة عالمية

الإرهاب أي استخدام العنف والقتل وسفك الدماء ضد الأبرياء، بدوافع دينية أو عرقية أو سياسية دون اعتبار أو وزن للقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، عندما يرتكبه فرد أو جماعة بقتل طائفة من الناس بسيارة مفخخة أو بآلة تفجير بشرية يعدّ إثماً عظيماً أيا كانت دوافعه، ولو كانت حماية المجتمع من كبائر أو موبقات، وقد كفرت بعض الجماعات التكفيرية المجتمعات.

Ad

وما ترتكبه الجماعات المتطرفة في الغرب من قتل بلون البشرة أو تعصب لدين أو مذهب، أو استعلاء على سائر البشر ورفض الآخر وهي الظاهرة التي سرت أن في الغرب كتباً تتداولها أيدي الأوروبيين تحمل عنواناً مثيراً هو (1001 طريقة للإرهاب) تجعل منه كتاباً في علم الإجرام، مع الاعتذار لرواد هذا العلم الذين يعنون بأسبابه لحماية المجتمع من الجريمة، ولكن هذه الكتب تعلم الشباب كيفية استخدام الأجهزة الإلكترونية في الإرهاب والأعمال الهدامة والتفجيرات والقتل والتنصت على المكالمات التلفونية والاتصالات والمتابعات الفاكسية وحل شفراتها إن وجدت، وأسرع وسائل القتل باليد دون سلاح والقتل باستخدام السهام المسمومة، ونصب الفخاخ وتفجير السيارات وقلب القطارات وتدمير مختلف أنواع الطائرات وتصنيع قنابل الكوكتيل وغير ذلك، ويحتوي الكتاب على 11 لوحة توضيحية لأعمال الإرهاب، ولم يصدر هذا الكتاب عن دار نشر إسلامية أو عربية بل عن دار نشر روسية هي «روسكي بارتيت»، وقد وقع رئيس تحرير هذه الدار بعد ذلك ضحية الإرهاب.

الإرهاب يرفضه الإسلام

فكل هذه الجرائم الإرهابية التي تقع من الأفراد أو الجماعات يرفضها الإسلام دين السلام والعدل والحق والمساواة والتسامح، بل يرفضها أي دين سماوي أو أخلاقي لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يَزَالُ العبدُ في فَسْحَةٍ من دِينِه ما لم يُصِبْ دَمًا حرامًا»، ويقول كذلك «لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا»، ويقول: «ولا يُؤخذُ الرجلُ بجريرةِ أبيه ولا بجريرةِ أخيه»، إذعانا لقول المولى عز وجل «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ»، وقوله جلت قدرته: «وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏‏»، وقوله سبحانه: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا».

الأقصى بريء من الإرهاب

ومن هنا يكون عصيا على التقبل قصيا عن الجادة أن توصف كتائب القسام بالوصف الذي وصفتها به دول أفيال مجلس الأمن بأنها جماعة إرهابية، وقد أثبتت ذلك منذ ساعة الصباح الأولى في السابع من أكتوبر الماضي، منذ قيامها بطوفان الأقصى حتى تسيلمها أسرى الحرب المشروعة التي خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، دفاعا عن الشعب الفلسطيني الخاضع لأكثر من سبعة عقود للقهر والقمع من آلة الاحتلال العسكرية الإسرائيلية.

فمقاومة المحتل هو أمر من المولى عز وجل لنا، ومن مات دفاعا عن نفسه أو أرضه أو ماله فهو شهيد، ولم تكن دوافع كتائب القسام إلا دوافع إنسانية وطنية، لرد كرامة الشعب الفلسطيني، وإحياء القضية الفلسطينية العادلة، وقد رفع علم فلسطين في المظاهرات الهادرة في العالم أجمع مطالبة بتحرير فلسطين، كما كان موقف كتائب القسام في الحفاظ على حياة الأسرى من جنود الاحتلال أو المستوطنين المحتلين للأرض الفلسطينية موقفاً شهد له الجميع، بأنه كان موقفا إنسانيا رائعا، اتسم بالتسامح وبالأخلاق الإسلامية الرفيعة.

إرهاب الدولة الصهيونية

أما إذا كان الإرهاب إرهاب دولة فإن المبادئ التي تحكم الدول جميعا في شرعية التجريم والعقاب هي أن العقوبة شخصية ومن ثم فإن المسؤولية الجنائية هي بدورها مسؤولية شخصية مع افتراض البراءة في الإنسان إلى أن تثبت إدانته قانونا في محاكمة عالمية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه، وهو ما ‏تنص عليه المادة الحادية عشرة من شرعة حقوق الانسان، ولهذا تقرر المحكمة الدستورية العليا في مصر أن هذه المبادئ استقر عليها العمل في الدول الديموقراطية، وتقع في إطارها الضمانات الأساسية التي يتكامل بها مفهوم العدالة ويتفق مع المقاييس المعمول بها في الدول المتحضرة (الحكم الصادر بجلسة 20/5/95 القضية رقم 31 لسنة 16 قضائية دستورية).

لذلك فإن الحرب التي أعلنتها إسرائيل على غزة، هي حرب إبادة وإفناء الشعب غزة الأسير لدى المحتل الغاصب، هي إرهاب دولة احتلال خالفت فيه كل اتفاقيات جنيف والنظام العام العالمي الممثل في ميثاق الأمم المتحدة، وقد بلغ عدد الشهداء والمفقودين تحت ركام المباني المنهارة من القصف الجوي المتواصل لما يقرب من خمسين يوما، عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والعجائز والشيوخ، وهو قصف استهدف كل شيء حتى الكنائس والمساجد والمستشفيات ومقار ومدراس الأمم المتحدة الممثلة في «الأونروا»، يقول المولى عز وجل «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ‏».

وكتائب القسام، الواقع على شعبها الظلم منذ سبعة عقود من الزمن، لم تقتل أحدا بغير حق، إنما كانت تدافع عن شعبها، ولكن من أسرف في القتل إسرافا لم يشهد له التاريخ مثيلا، هو دولة محتلة تمارس القتل والقمع والظلم على الشعب الفلسطيني منذ عقود.

إرهاب النظام العام العالمي

ويصبح الخطأ والخطيئة مضاعفي الأثقال، وقد قامت أفيال مجلس الأمن الثلاثة أميركا وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا، بإرسال حاملات الطائرات والسفن الحربية والغواصات والجسر الجوي الذي يحمل إلى إسرائيل أبشع أدوات التدمير والإفناء لشعب غزة المحاصر، والجسر الذي أقامته هذه الدول لقمع هذا الشعب والانتقام منه وإرهاب وترويع أمم الأرض قاطبة، لإعادة هيبة الإمبريالية العالمية.

وقد كشف الدعم العسكري غير المحدود لهذه الدول الاستعمارية عن وجه النظام العام العالمي القبيح في إرهاب العالم كله إرهابا خلع عليه مجلس الأمن المنوط به حماية الأمن والسلام الدوليين شرعية زائفة ودفاعا عن النفس باطلا، وقد زاغ بصر هذه المجلس عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في حق شعب غزة بما يمثل إرهابا حقيقيا.