أسفرت أعمال عنف متفرقة عن مصرع 19 شخصا في أنحاء إيران خلال الـ 24 ساعة الماضية، فيما أطلق مسؤولون إيرانيون تحذيرات من تعرّض بلدهم لمخطط خارجي يرمي لإشعال حرب أهلية، تمهيداً لتقسيمها على خلفية دخول الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير شهرها الثالث اليوم.

وأعلنت منظمة هنغاو الكردية لحقوق الإنسان، ليل الأربعاء ـ الخميس، أن 10 أشخاص قتلوا بنيران الأمن الإيراني في مدن سنندج وسقز بمحافظة كردستان وبوكان بمحافظة أذربيجان الغربية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

في غضون ذلك، قتل مسلّحون على متن درّاجات نارية 9 أشخاص بينهم امرأة وطفلان، في اعتداءين منفصلين بخوزستان وأصفهان. وقتل 7 أشخاص في مدينة إيذة بخوزستان التي تسكنها الأقلية العربية واثنان في أصفهان.
Ad


وأوقف 3 مشتبه بهم، بينما تجري عمليات البحث عن آخرين بعد أول هجوم وقع الأربعاء واستهدف محتجين وعناصر أمن في إيذة، فيما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تنفيذ العملية التي تعد الثانية له خلال 3 أسابيع، بعد هجوم على مرقد شيعي في شيراز أسفر عن مصرع نحو 20.

وفي هجوم آخر وقع بعد 4 ساعات في أصفهان، ثالث أكبر المدن الإيرانية، أطلق مهاجمان على متن دراجة بخارية النار من أسلحة آلية على عناصر من قوات «الباسيج» التابعة لـ «لحرس الثوري»، مما أسفر عن مقتل عنصرين وإصابة اثنين بجروح.

ووصفت وكالة الأنباء (إرنا) منفذي إطلاق النار بـ «الإرهابيين»، وقالت: «على إثر دعوة مجموعات مناهضة للثورة الإسلامية إلى الاحتجاج، استغل عناصر إرهابيون مسلحون وجود عدد من الأشخاص، وبدأوا بإطلاق النار على الناس وعناصر الأمن» في سوق مدينة إيذه.

وأفادت «إرنا» بأن «اثنين من الجرحى، في هجوم إيذه، توفيّا فجر اليوم، لترتفع حصيلة القتلى إلى 7، إضافة إلى 8 جرحى».

ضغوط ومخطط

وبعد الاعتداء الثاني في أصفهان الذي حمّلت السلطات الإيرانية مسؤوليته إلى «إرهابيين»، أمر الرئيس إبراهيم رئيسي السلطات المعنيّة بـ «التحرّك فورا لتحديد هوية منفذي الاعتداء وتسليمهم إلى النظام القضائي لتتم معاقبتهم». وفي تصريحات منفصلة، قال رئيسي إن «الأعداء يدأبون على استهداف إيران، لأنها استطاعت أن تحقق الإنجازات العظيمة، بالرغم من التحديات والضغوط المفروضة عليها».

في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إن إسرائيل وأجهزة مخابرات غربية «وضعوا خططاً لنشوب حرب أهلية وتدمير إيران وتفكيكها».

وكتب عبداللهيان عبر «تويتر»: «يجب أن يعلموا أن إيران ليست ليبيا أو السودان. إن الإيرانيين لن ينخدعوا بمثل هذه الخطط». من جهته، قال قائد «الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي، إن «إيران تشهد اليوم مؤامرة كبيرة ضد شعبها يتصدرها مخدوعون أصبحوا صدى للأعداء في الداخل لإثارة الفتن».

وأضاف أن «أعداء إيران توجّهوا اليوم نحو حرب الشهداء»، مشيراً إلى أن «كل شياطين العالم اجتمعت ضد إيران، وهي أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والكيان الصهيوني والسعودية وغيرهم».

واتهم سلامي الولايات المتحدة بأنها «تريد رؤية شبابنا يقتلون في الشوارع ووجوه الناس مرهقة، وشعبنا مشتت، وإيران مقسمة»، مؤكداً أن هذه «الأحلام لن تتحقق أبداً».

وفي وقت يبدو أن السلطات، التي تخشى مواجهة مصير مشابه لما يحدث في سورية، تتحضر لموجات أوسع من الاضطرابات، شدد المرشد الإيراني علي خامنئي على أن قتلى القوى الأمنية، «قدّموا أرواحهم دفاعاً عن أمن وراحة الشعب؛ وبهذه التضحيات جسدوا نموذجا لكل القيم السامية التي تندرج في مبدأ الشهادة والشهيد».

ونقل عن مصادر أمنية إيرانية قولهم إن «مثيري أعمال الشغب بدأوا مرحلة جديدة من التحرك تهدف إلى إشعال حرب داخلية مسلحة».

انتقاد بلوشستان

وبرزت التحذيرات الرسمية من اندلاع حرب أهلية، بعد ساعات من احتجاج الزعيم الروحي للبلوش السنّة في إيران، مولوي عبدالحميد زهي، على أسلوب الوفد الذي أرسله المرشد الإيراني علي خامنئي إلى المحافظة للاطلاع على حقيقة الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، وأسفرت عن مقتل نحو 150 بصدامات بين الأمن والأهالي في سبتمبر الماضي. وأوضح زهي، عبر «تويتر»، أن «الوفد مارس المزيد من التهديد والترهيب، بدلاً من الاطلاع على الحقائق».

وكتب يقول: «كنّا نتوقع من وفد المرشد أن يطلع على الحقائق، وأن يدين جريمة جمعة زاهدان الدامية، وأن يواسي أهالي شهداء وضحايا الحادثة، وأن ينصفهم، لا أن يهدد ويرهب المظلومين».

تصدير التوتر

إلى ذلك، أفادت تقارير بأن الأحزاب الإيرانية المعارضة، من بينهم ممثلون عن ثلاث ائتلافات مهمة، اجتمعت مع البرلمان الأوروبي في بروكسل، اليوم، لمناقشة الاحتجاجات الجارية ومستقبل الأوضاع في إيران، فيما دعا الزعيم الكردي العراقي مسرور بارزاني إيران إلى إيقاف هجماتها الصاروخية على إقليم كردستان العراق «وعدم تصدير توتراتها الداخلية للجوار».

جاء ذلك في وقت تواصلت في عدة مناطق إيرانية بينها العاصمة طهران ومدن أخرى المسيرات الاحتجاجية الليلية المواجهات مع القوات الأمنية.

كما واصلت المحال التجارية في عدة مدن، بينها طهران وشيراز وأراك وخراسان، إضرابها.

الملف النووي

من جهة ثانية، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، مساعي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لإصدار قرار يدين بلده خلال اجتماع مجلس حكماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المنعقد حالياً، بالقرار المُعادي والمرفوض، مؤكداً أن طهران سترد بشكل «حاسم وفعال» إذا ما تمت الخطوة.

مسيّرات وتسريب

إلى ذلك، كشف تحقيق أجرته الحكومة الأميركية عن وصول أجزاء تدخل في تكوين المسيّرات الإيرانية، أو على الأقل نسخة طبق الأصل منها، تم إنتاجها في دول متحالفة مع دول غربية من ضمنها إسرائيل، أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن معظم الأجزاء التي تتكون منها الطائرات المسيّرة الإيرانية المورّدة لروسيا تصنع في الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى.