بعد نحو شهر من استئناف إسرائيل ضرباتها التي تستهدف سلاسل الإمداد الإيرانية للجماعات المسلحة المتحالفة معها، ووسط تقديرات بوجود رغبة أمنية إيرانية في صرف الأنظار عن الاحتجاجات المطالبة بالتغيير، التي أتمت شهرها الثاني، أصيبت ناقلة نفط مرتبطة بالملياردير الإسرائيلي عيدان عوفر بقنبلة أطلقت من طائرة مسيّرة (درون) خلال إبحارها في خليج عمان ليل الثلاثاء ـ الأربعاء.

وأفاد مصدر لوكالة أسوشيتد برس، أمس، بأن السفينة التي أصيب بدنها بأضرار طفيفة هي ناقلة النفط «ماليفريا»، التي ترفع علم ليبيريا، وتشغلها شركة إسترن باسيفيك السنغافورية المملوكة لعوفر.

اتهام إسرائيلي
Ad


وبعد ساعات من وقوع الحادث في المنطقة التي يراقبها الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين، اتهم مسؤول أمني إسرائيلي بارز إيران بالوقوف وراء الاعتداء.

وقال المسؤول: «إن عوفر لديه ملكية ثانوية للناقلة، لكن من غير المستبعد أن يختار الإيرانيون هذه المرّة الرد على الهجمات المنسوبة للإسرائيل أخيراً في سورية بهذه الساحة»، في إشارة إلى غارة استهدفت قافلة شاحنات إيرانية كانت تنقل وقوداً وأسلحة بعد عبورها من العراق إلى سورية، تمهيداً لنقلها إلى «حزب الله» اللبناني، وغارة جوية، على مطار الشعيرات بحمص، الخميس الماضي، علمت «الجريدة» من مصدر مطلع أنها استهدف حمولة طائرة إيرانية كانت تنقل مكونات لصواريخ ومسيّرات.

وذكرت أوساط عبرية أن «الجيش الأميركي أبلغ نظيره الإسرائيلي، أن المسيّرة المستخدمة بالهجوم البحري، من طراز شاهد الإيرانية».

ونقلت صحيفة هآرتس، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أن «استهداف ناقلة النفط خطأ استراتيجي من جانب إيران». ويأتي الهجوم بعد كشف مصادر عبرية أن ايتسيك موشيه هو رجل الأعمال الإسرائيلي الذي حاول عملاء لـ «الحرس الثوري» الإيراني اغتياله في عاصمة جورجيا تبليسي أخيراً.

وأمس، زعم «الحرس الثوري» أنه اعتقل شخصاً على صلة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية التي يتهمها، إضافة إلى أطراف إقليمية ودولية، بتأجيج الاحتجاجات والاضطرابات المتواصلة منذ منتصف سبتمبر الماضي.

عدوانية متزايدة

في هذه الأثناء، ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ «عداء إيران المتنامي» تجاه فرنسا المتمثل بـ «الاحتجاز غير المقبول لرهائن»، داعياً طهران لـ «العودة إلى الهدوء وروح التعاون».

وحضّ الرئيس الفرنسي إيران على «احترام الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى «عمليات القصف التي شنّها الحرس الثوري في الأيام الأخيرة على أراضي إقليم كردستان العراقية» لاستهداف مقر أحزاب إيرانية كردية معارضة.

وفي الوقت نفسه، تمسّك ماكرون بـ «الإشادة بشجاعة وشرعية ثورة النساء والشباب الإيراني مع الاحترام الكامل لسيادة إيران». وجاء ذلك في وقت أعلن وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي أن السلطات اعتقلت عددا من «عملاء المخابرات الفرنسية على علاقة بالاحتجاجات» التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني.

كما استدعت وزارة الخارجية الإيرانية سفير أستراليا للاحتجاج، بسبب تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الأسترالي بشأن قمع «الحراك الشعبي».

تصعيد نووي

وفي وقت يبدو أن طهران اتخذت قراراً بالتصعيد على عدة جبهات، قدّمت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث الأطراف في «الاتفاق النووي» الإيراني، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، للوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروع قرار يدين عدم تعاون طهران مع الهيئة الأممية بشأن وجود مواد نووية في مواقع غير مصرّح عنها. وشدد مشروع القرار الذي بدأ مجلس حكماء الوكالة مناقشته، أمس، على أنه من «الضروري والملّح» أن «تبادر إيران إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية».

ومن المقرر التصويت على مشروع القرار الذي يحتاج تمريره إلى تأييد أغلبية بسيطة، الأسبوع الحالي، حتى في حال عارضته روسيا والصين.

من جهته، قال رئيس منظمة الطاقة الذرّية الإيرانية محمد إسلامي، إن واشنطن وباريس وبرلين ولندن «صاغت مشروع قرار وأحضرت مستندات تدرك أنها غير صحيحة، وهذا مرفوض من قبل الجمهورية الإسلامية».

في موازاة ذلك، تحدث وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، عن تلقي بلاده رسالة أميركية خلال الساعات الـ 72 الأخيرة بشأن إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018. وقال عبداللهيان إن طهران وجهت إلى الأميركيين والأوروبيين رسالة واضحة تقول إنّه «إذا لم يتم إنهاء السياسات غير البناءة، فإنّها ستردّ، بشكل مؤثر».

واتهم المبعوث الأميركي روبرت مالي بالكذب حول عدم استعجال واشنطن في إحياء الاتفاق. وأشار إلى أن «هدف الأميركيين واضح، وهو ممارسة الضغوط لتتنازل طهران عن خطوطها الحمر».

احتجاجات وفوضى

وتزامن حديث عبداللهيان عن محاولة واشنطن للضغط على بلاده، في وقت تدفّق المواطنون إلى الشوارع في أنحاء إيران ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء، وسط تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة.