قضت لجنة فحص الطعون في المحكمة الدستورية امس برفض الطعن المقام من احد المواطنين على مواد قانون الأطباء التي تمنح الاختصاص للنيابة في جرائم الأطباء كافة.

وأكدت المحكمة، برئاسة المستشار فؤاد الزويد وعضوية المستشارين عادل البحوه وصالح المريشد في حيثيات حكمها أمس، أن اختصاص النيابة العامة للتحقيق في الجرائم ورد في الدستور، بينما اختصاص الأمن العام هو على سبيل الاستثناء ولا يجوز التوسع فيه.

Ad

وقالت المحكمة إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بعدم جدية الدفع المبدى منه بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (77) من القانون (70) لسنة 2020 بشأن مزاولة مهنة الطب فيما تضمنته من اسناد اختصاص التحقيق والتصرف في الجرائم التي تقع من الطبيب أو عليه المنصوص عليها في القوانين الأخرى للنيابة العامة، على الرغم من أنها تلابسها شبهة عدم الدستورية لانطوائها على تمييز تحكمي غير مبرر، إذ حرمت الطاعن من اللجوء إلى المحقق الطبيعي التابع للإدارة العامة للتحقيقات، وأسندت للنيابة التحقيق باعتبار أن المجني عليها طبيبة تمارس الطب رغم أن الجرائم المنسوبة إليه هي من جرائم الجنح التي تختص الإدارة العامة للتحقيقات بالتحقيق والتصرف فيها، ومايزت بذلك بينه وبين المتهمين في جرائم الجنح الأخرى، مما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة بالمخالفة للمواد (7) و(29) و(34) من الدستور.

ولفتت المحكمة إلى أن هذا النعي مردود بما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - من أن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية يكون باجتماع أمرين لازمين، أولهما: أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي، وثانيهما: أن تكون هناك شبهة ظاهرة على مخالفة النص التشريعي محل الدفع لأحكام الدستور.

كما أنه من المقرر أيضاً أن تقدير مدى جدية الدفع بعدم الدستورية منوط في الأساس بمحكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.

وقالت المحكمة إن الدستور نص في المادة (167) منه على أن تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وأجاز في ذات المادة أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، ووفقاً للأوضاع التي يبينها القانون، مما مفاده أن الأصل هو اختصاص النيابة العامة بتولي التحقيق والتصرف في الجرائم باعتبارها صاحبة الدعوى العمومية، وأن إجازة تولي جهات الأمن العام الدعوى العمومية في نطاق الجنح هي استثناء لا يجوز التوسع فيه، لأن الاستثناءات تجري في أضيق الحدود.

وأضافت أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جدية الدفع المبدى من الطاعن بعدم دستورية النص المطعون فيه الذي أسند للنيابة العامة الاختصاص بالتحقيق والتصرف في الجرائم التي تقع من الأطباء أو عليهم، على سند حاصله أن المشرع يملك بموجب سلطته التقديرية أن يفرض تغايراً في المعاملة بين أصحاب المراكز القانونية المختلفة أو المتماثلة متى كان ذلك مبرراً، وفقاً لأسباب موضوعية تمليها اعتبارات المصلحة العامة، دون أن يعد ذلك تمييزاً منهياً عنه.

وقالت المحكمة ان ما ورد بالنص المشار إليه من اسناد التحقيق والتصرف في بعض جرائم الجنح للنيابة العامة إنما جاء لحساسية الجريمة ومرتكبها أو المجني عليه فيها، وليس على سبيل التمايز أو التفضيل، مما قدر معه المشرع ضرورة أن تكون النيابة العامة هي سلطة التحقيق والتصرف في تلك الجرائم، وليس في ذلك إهدار للحقوق أو الواجبات العامة إنما هو إضفاء طابع خاص على تلك الجرائم، فلا يكون النص المطعون فيه قد خالف مواد الدستور سالفة البيان، ومتى كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً ومتضمناً الرد الكافي على ما ساقه الطاعن في أسباب دفعه، وكافياً لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.