على وقع الحديث الذي يتردد بشأن الرغبة في تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية بهدف التقليل من مواجهة الطعون المتراكمة، برفع النصاب القيمي للقضايا بجعله 30 ألف دينار بدلا من خمسة آلاف فإن تفكير المشرع الكويتي يجب أن يبحث في بدائل التقاضي الحديث، والتي تستهدف سرعة الفصل وتخفيف عرض ملفات الدعاوى أمام المحاكم.

وغياب أنظمة التوفيق والتسوية القضائية والتحكيم الحر من التشريعات الكويتية، علاوة على خفض قيمة الرسوم القضائية ساهما في رفع عدد القضايا أمام المحاكم، ولذلك يتعين على المشرع الكويتي أن يعمل على تقنين القواعد المنظمة لتلك الأنظمة لكي تكون في متناول المتقاضين كبدائل للتقاضي وليس اللجوء إلى المحاكم كطريق واحد.

Ad

ولم يكتب لتجربة تسوية المنازعات التي تقوم بها إدارات العمل التابعة لهيئة القوى العاملة لعدم قيام تلك الممارسة على نحو منهجي يقود لآليات الصلح المنتظرة بين رب العمل والعامل، ولذلك فإن أي تكرار لتلك التجربة تجاه الأنزعة التجارية والمدنية سيقود إلى فشلها ويتعين إيجاد وسائل أكثر فاعلية وجدية حتى تكون مقنعة في نظر المتقاضين للجوء إليها.

كما لم يكتب حتى الآن النجاح لتجربة التحكيم العادي في الكويت، لارتباط فكرة التحكيم القضائي بالتقاضي العادي، ولتعرض التحكيم العادي الذي تنجزه بعض الجهات الخاصة كمركز تحكيم المحامين وغرفة التجارة للطعن والنيل من سلامته وعدم نفاذه أو التأثير عليه من قبل المحاكم المعنية بذلك.

كما ساهم غياب أنظمة التوفيق والتسوية القضائية والتحكيم الحر في عدم وجود متخصصين وخبراء في السوق المحلي مقارنة بالأسواق الأخرى، نظرا لما يمثله هذا المجال من عدم الاهتمام، وربما عدم ثقة العديد من المتقاضين بالنص على أجهزة أو قطاعات للفصل، في قضاياهم الا عن طريق القضاء والمحاكم، رغم ما يشوب عملها من قصور وضعف إداري يتسبب في التأخير بالفصل في القضايا أو الإطالة من قبل الخصوم في إحدى الدعاوى.

أخيرا، فإن منظومة التقاضي بواسطة المحاكم حاليا لم تعد قادرة على استيعاب العدد الكبير الذي تتلقاه من دعاوى، وهو أمر سوف يتسبب في البطء في الفصل والتأخير في إطالة الأنزعة وضعف في جودة الأحكام.