قبل أن أكتب حرفاً واحداً من هذه المقالة راجعت كل ما يتعلق بمجلس الأمة منذ التحرير حتى هذا اليوم، وبلا شك هناك بعض الإنجازات المعيبة بسبب سوء تنفيذها على أرض الواقع، وهناك جبال شاهقة وتلال وعرة من الإخفاقات والممارسات التي لا يمكن تصور خروجها من مؤسسة معنية بالتشريع ومتابعة تطبيق القوانين ومراقبة المنفذين لذلك التطبيق من القياديين في السلطة التنفيذية، ولا تلك الممارسات والأفعال التي يقوم بها من هم يمثلون الشعب الذين يفترض أن يكونوا أولاً قدوة لغيرهم في عملية التعامل مع الآخر، وكيفية استخدام الصلاحيات والأدوات، والرؤية الصحيحة للموقع السياسي والاجتماعي بناء على العضوية في المجلس.
ما زلنا نعيش في دوامة الشعارات الزائفة التي ترفرف في سماء الإصلاح السياسي الذي يسعى إليه ويتمناه الجميع، وما زلنا نعاني من اللعب (تحت الطاولة)، وما زلنا نستفرغ السيناريوهات الرديئة والحوارات المكذوبة لتلك المسرحيات في السياسة والديموقراطية، وما زلنا نطالب باستبدال اللاعبين سواء الصامت أو المشاغب أو التائه أو المُنظِّر أو كثير الكلام... إلخ.
بعد كل هذه المراجعة الطويلة يمكننا القول، إن مجلس الأمة أصبح الخطر الكبير على الدولة وأركانها، مجلس الأمة لم يعد بيت الأمة والشعب، بل أصبح مؤسسة مغتصبة من القبلية والطائفية والفئوية، وسياسة ممارساتها شخصانية مع الآخر معتمدة بذلك على المصلحة الشخصية والنفوذ والضغط السياسي، وهذه لا يمكن أن تكون سبيلا للإصلاح والتنمية والتطوير.
وعليه أصبح لزاماً أن نرفع شعار «تعليق مجلس الأمة آن أوانه»، لأنه وبكل بساطة أصبح أكبر حجر عثرة يقف أمام التنمية والإصلاح بسبب تلك الآلية التي يعمل بها في إيصال من يمثلون الأمة، وإلى تلك الممارسات المغلوطة للأدوات الدستورية من أجل المصالح الشخصية.
وما أنا لكم إلا ناصح أمين.