في وقت أنهت الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» يومها الـ24 تصاعدت الضغوط على تل أبيب من أجل تبادل للأسرى، فيما أجبرت الفصائل الفلسطينية المسلحة الجيش الإسرائيلي على سحب رتل دبابات وجرافات بعد توغله ووصوله إلى طريق صلاح الدين الفاصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه عقب وصوله إلى مشارف حي الزيتون جنوب مدينة غزة مركز المنطقة الساحلية المحاصر.
وأكّدت «حماس» المسيطرة على قطاع غزة أنّ الجيش الإسرائيلي أدخل رتل دبابات حاول التوغل عبر محورين، من الشمال الغربي قرب منطقة العطاطرة ومن الشمال الشرق عند مخيم البريج وجحر الديك. وقالت حكومة «حماس»، إن الجيش الإسرائيلي دخل «مناطق رخوة بعد أن قصف وأحرق كل شيء فيها»، مشيرةً إلى أنّه «تراجع عن تمركزه في بعض مناطق الاشتباك بسبب تصدي المقاومة».
وذكرت «سرايا القدس» التابع لحركة «الجهاد» أنها شاركت في التصدي لأعمق توغل إسرائيلي بري منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الحالي عقب هجوم «حماس» غير المسبوق الذي أسفر عن مقتل 1538 إسرائيلياً وأسر 239 العديد منهم من الأجانب ومزدوجي الجنسية فضلاً عن إصابة 5431.
وواصلت الفصائل إطلاق رشقات بعشرات الصواريخ على تل أبيب ومحيط مدينة القدس المحتلة وبئر السبع ومستوطنات غلاف غزة، نتيفوت وأسدود وعسقلان ونيريم وموقع «مارس» العسكري.
مزيد من القوات
في المقابل، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري أن قواته «تتقدم تدريجياً في نشاطها الهجومي داخل قطاع غزة بحسب مراحل الحرب وأهدافها»، مع دفع المزيد من قوات المشاة والمدرعات والهندسة والمدفعية إلى القطاع.
وقال هاغاري: «نقوم بعملية برية موسعة داخل القطاع، والقوات البرية والدبابات وقوات المشاة والمدرعات تتجه نحو الإرهابيين». وأضاف: «هم يتجمعون في مناطق لمحاولة مهاجمة قواتنا ونحن نهاجمهم من الجو، نتحرك على الأرض ونحددهم ونهجم عليهم من الجو».
وأفاد بضرب 600 هدف عسكري، بما في ذلك مستودعات أسلحة، وعشرات مواقع إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، بالإضافة إلى مخابئ ومواقع انطلاق تابعة «حماس» خلال اليوم الماضي.
وفي حين تداولت بعض المنصات فيديو يظهر دبابة إسرائيلية وهي تطلق النار على سيارة مدنية بداخلها 3 أشخاص قتلوا جراء القصف عند حي الزيتون، رفض هاغاري التعليق على التقارير بشأن وجود دبابات على مشارف مدينة غزة، وقال: «نواصل العمل ولن نكشف أماكن وجود قواتنا».
ورأى المتحدث أن «النشاط البري في قطاع غزة يخدم، من بين أمور أخرى هدف تحرير الرهائن»، معتبراً أن «قضية المختطفين ليست قضية وطنية فقط، بل قضية عالمية».
وفي وقت تتكثف جهود عربية ودولية لإدخال المساعدات الضرورية لسكان القطاع المكتظ بنحو 2.3 مليون نسمة، أفادت حكومة «حماس» بمقتل 8306 فلسطينيين بينهم 3457 طفلاً في الغارات الإسرائيلية. وارتفع عدد القتلى الفلسطينيين بالضفة، منذ السابع من أكتوبر، إلى 122 إضافة إلى وجود عشرات الإصابات الخطيرة ونحو 1200 معتقل فلسطيني.
الرهائن و«لائحة الستة»
وبثت حماس شريط فيديو لثلاث أسيرات يوجهن رسالة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يتعرض لضغوط سياسية متزايدة. وقالت إحدى الأسيرات في التسجيل، موجهة كلامها لنتنياهو إنه، «لم يكن هناك أي جيش في 7 أكتوبر، ولم يأت لنا أحد، وأنت تريد قتلنا جميعاً». وأضافت: «أطلق سراحنا الآن وسراح مواطنيهم (الفلسطينيين). نحن بهذا الوضع بسبب إخفاقك الذي تسببت به، وأنت مُلزم بإطلاق سراحنا جميعاً».
وقالت أسيرة أخرى: «نعلم أنه كان هناك مطلب لوقف إطلاق النار، وكان من المفترض أن تطلقنا جميعاً، كنتَ ملزماً بإطلاق سراحنا جميعاً، وبدلاً من ذلك نحن نعاني عجزك السياسي والأمني والعسكري والدبلوماسي». وختمن حديثهن بالقول: «حرِّرنا الآن، حررْ الأسرى الفلسطينيين، واسمح لنا بالعودة إلى عائلاتنا الآن».
وفيما وصف نتنياهو الشريط بأنه حرب نفسية، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إنه سيدعم اي صفقة تبادل للأسرى حتى لو كانت تتضمن خطوات مؤلمة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه يجب ألا تتوقف العمليات العسكرية حتى نغتال 6 قيادات من «حماس» هم يحيى السنوار، محمد الضيف، إسماعيل هنية، صالح العاروري، خالد مشعل، مروان عيسى. والهدف الذي وضعه لابيد يبدو معقولاً ومتواضعاً أمام الهدف الذي وضعته حكومة نتنياهو وهو «القضاء على حماس»، قبل أن تعدل لهجتها وتكتفي بالقضاء على قدرات الحركة.
وتتصاعد الضغوط على تل أبيب للإفراج عن نحو 230 رهينة في غزة مقابل 5 آلاف من السجناء الفلسطينيين بما في ذلك عناصر «حماس» في السجون الإسرائيلية. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن العديد من الدول طلبت من بلاده المساعدة في الإفراج عن الرهائن. وقبل أيام اقترح عبداللهيان أن تسلم حماس الرهائن الأجانب المدنيين إلى طهران. وحذرت صحيفة هآرتس العبرية من أن قضية الرهائن قد تتحول الى ورقة ضغط إقليمية على إسرائيل تشارك في استغلالها عدة أطراف وليس حماس وحدها.
في موازاة ذلك، قتلت قوات إسرائيلية 4 فلسطينيين خلال اقتحام عنيف لمخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة، وقالت إنها صفت «خلية مسلحة تابعة لحماس» مع تصاعد التوتر في الضفة وسط تحذيرات دولية من تزايد اعتداءات المستوطنين على الفلسطنيين وهو ما من شأنه فتح ساحة جديدة من العنف. وقتل فلسطيني برصاص إسرائيلي بعد مزاعم عن محاولته طعن ضابط إسرائيلي بالقدس بالإضافة إلى مقتل فلسطيني آخر برصاص مستوطن إسرائيلي قرب مدينة الخليل.
واشنطن والجبهات المتعددة
وفي وقت تزايدت المؤشرات على خفض تل أبيب سقف أهداف هجومها لتفادي احتمال انضمام «حزب الله» وإيران للصراع، قصفت طائرات حربية إسرائيلية «بنية تحتية عسكرية» في موقعين للجيش السوري النظامي بمحافظة درعا رداً على عمليات إطلاق صواريخ من سورية.
وفي لبنان حيث قال أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أن البلاد اليوم «في عين العاصفة»، اتسع عمق جبهة القصف بين حزب الله وإسرائيل إلى 15 كيلومتراً، فيما تسود حالة من الترقب بانتظار كلمة للأمين العام للحزب حسن نصرالله يوم الجمعة.
وبينما ذكرت «شبكة سي إن إن»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن واشنطن حركت قوة من الرد السريع التابعة لمشاة البحرية الأميركية باتجاه شرق البحر المتوسط، ذكر المرصد السوري المعارض أن طائرات أميركية استهدفت شاحنات لفصائل مسلحة موالية لإيران ودمرتها قرب الحدود السورية العراقية رداً على سلسلة الهجمات التي تتعرض لها القواعد الأميركية في سورية والعراق تحت عنوان «الانتقام لغزة». وتعرضت قاعدة الشدادي الأميركية أمس لهجوم جديد.
وقال منسق مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، إن «لدى الإدارة الأميركية قلقا عميقا من توسع الصراع»، مضيفاً أن «ذلك دفع الولايات المتحدة إلى نشر قطع بحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط وإلى تعزيز دفاعها الجوي والصاروخي في المنطقة».
وذكر أن إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن تؤيد فكرة وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ويجب أن تؤخذ بجدية لإيصال المساعدات وإخراج الرهائن. وتزامن ذلك مع تأكيد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، أنه لا توجد خطط لدى الولايات المتحدة لإرسال قوات إلى إسرائيل أو غزة، للمساهمة في إطلاق سراح المحتجزين ومن بينهم نحو 10 أميركيين.
بايدن والسيسي والمساعدات
في السياق، ذكر البيت الأبيض، أن الرئيس جو بايدن ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي أكدا خلال اتصال هاتفي، ليل الأحد ـ الاثنين، أن «الفلسطينيين لن يتم تهجيرهم إلى مصر أو أي دولة أخرى»، كما بحثا أيضاً ضرورة حماية أرواح المدنيين وضرورة إدخال المساعدات.
وأفيد أمس، بأن سلطات الاحتلال أعادت توصيل نحو نصف كمية مياه الشرب إلى القطاع الفلسطيني بعد ضغوط من إدارة بايدن ووزارة الخارجية الأميركية، فيما دخلت 60 شاحنة مساعدات عبر معبر رفح المصري إلى القطاع المحاصر بشكل شبه كامل منذ بدء الحرب.