تتعدد طرق التنمية الذاتية بهدف تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الفردي أو المؤسسي، فالشخص الذي يبحث عن حل لمشكلة، أو تطوير مهارة، أو تحقيق هدف، يتطلع عادةً إلى المساعدة من المهنيين المختصين في مجالات التدريب والاستشارة والإرشاد «المنتورينج» و«الكوتشينغ»، والمعرّفة من قبل المتختصين كالتالي:

1- التدريب (Training) هو تطوير مهارة معينة، حيث يقوم المدرب بمساعدة المتدرب على تنمية تلك المهارة من خلال التعليم والممارسة العملية.

Ad

2- الاستشارة (Consulting) يقوم من خلالها الاستشاري بمساعدة الآخرين بخبراته في مجال معين أو في إدارة مشروع محدد.

3- الإرشاد (Mentoring) يعتمد على الخبرة والأقدمية في المؤسسة، بحيث تكون العلاقة بين المرشد (Mentor) والمسترشد علاقة المعلم بالتلميذ، فيوجهه وينصحه ويرشده إلى المسار الوظيفي المرغوب.

4- «الكوتشينغ» (Coaching) عبارة عن حوار من نوع خاص يقوم به «الكوتش» بتسهيل الوصول إلى الهدف من خلال الأسئلة وإعطاء التغذية الراجعة أو العكسية (feedback) بطريقة خاصة تغوص في عمق المشكلة بهدف الحصول على إجابات من العميل نفسه من دون إضافة معلومات ولا اقتراحات من «الكوتش» في المراحل الأولى من ورش العمل.

فالكوتش يمثل مرآة حقيقية للعميل، يقوم بإعطائه تغذية عكسية لما يقوله ويصدر منه، وهذه في حد ذاتها قيمة مضافة لا تقدر بثمن، بل إن الكثير من رؤساء مجالس إدارات الشركات والهيئات في الدول المتقدمة يقومون بتعيين «الكوتش» بمبالغ كبيرة جداً فقط للقيام بهذه المهمة (على عكس معظم القياديين عندنا!)، فمن خلال المرآة التي يكونها «الكوتش» يتنبه العميل إلى نقاط قوته حتى يثبتها، وإلى نقاط ضعفه ليتخلص منها من خلال تغيير سلوكه وخططه وقراراته ووضعه في مواجهة أقواله وأفعاله من غير تدخل أو ضغط خارجي، مع إعطاء مساحة موضوعية لعملية التغذية العكسية للحصول على أفضل النتائج.

من خبراتي وتجاربي في مجالات التدريب والاستشارات و«المنتورينغ» و«الكوتشينغ»، لاحظت العديد من الفجوات التي بالإمكان إغلاقها من خلال المقترحات التالية:

أولاً: الاعتراف بالحاجة الماسة لهذه الممارسات في الكويت لتحسين بيئات العمل، ولتنفيذ الخطط والبرامج والاستراتيجيات ليس على مستوى الإدارات التشغيلية والوسطى فقط، بل من أعلى السلم الوظيفي القيادي.

ثانياً: ترسيخ علاقة احترام متبادلة ومستدامة بين الطرفين تكون قائمة على المصداقية والإخلاص في النصيحة والاستشارة بين الملقي والمتلقي، وبين المرشد والمسترشد، كما في الدول المتقدمة ومؤسساتها الكبرى.

ثالثاً: الحد من انتشار الممارسات من دون خبرة أو توجيه أو تنظيم أو تصنيف، مع وقف ظاهرة انقطاع العلاقة بمجرد انتفاء الغرض وانتهاء مدة الممارسة (وهو ما يجري في الكويت!) فغالبية المسترشدين يقطعون العلاقة من دون سابق إنذار بمجرد أن يحققوا أهدافهم!

رابعاً: نجاح هذه الممارسات مرتبط بمصداقية المرشد و«الكوتش» والمستشار وخبرته المهنية والعملية بجانب مهاراته في الاتصال والقيادة، واحترافيته في عرض المعلومة والنتائج، وليس بناء على انتماءاته الحزبية والدينية والعائلية وقناعاته الشخصية!

خامساً: ضرورة هذه الممارسات لا تقتصر فقط على التنمية الذاتية الفردية، بل تتعداه إلى المؤسسات العائلية والأهلية والحكومية لتمكينها من توثيق خبراتها وتنفيذ خططها وبرامجها ورؤاها المستقبلية.

«الكوتش» و«المنتور» والمستشار الكويتي بحاجة لدعم أكثر وجدية أكبر من طرف المتلقي مع استمرارية التحديث والتنظيم والتواصل المستدام بين الطرفين.