في عالمنا الآن قلما تجد شخصاً في الستين من العمر خالياً تماماً من أي مرض مثل السكر أو الضغط أو قصور شرايين القلب.
ولم يعد غريباً أن نرى جلطات شرايين القلب تصيب من هم في العقد الثالث أو الرابع من العمر مقابل ذلك نجد أن هناك بعض المناطق في العالم تتجاوز فيها الأعمار المئة عام وبدون أمراض، وهذه المناطق تسمى المناطق الزرقاء، ومنها على سبيل المثال مدينة سردينيا الإيطالية وأوكيناوا اليابانية، وغيرهما.
وحاول الباحثون الوقوف على أهم المقومات التي تمتلكها شعوب هذه المناطق، والتي منحتهم الصحة وطول العمر، وانحصرت أهم تلك المقومات في تميز سكان تلك المناطق بنمط حياة مختلف عن نمط الحياة الذي يعيشه معظم سكان الكرة الأرضية، ونقصد بنمط الحياة هنا طبيعة الغذاء والنشاط البدني وطبيعة وعدد ساعات النوم.
وتتميز طبيعة غذائهم باعتمادها الأساسي على الخضراوات بكل أنواعها وكذلك الفواكه، وتبين أنه كلما اعتمد الغذاء على الخضراوات ازدادت كمية الألياف التي يتناولها الشخص والتي ترتبط بنقص الإصابة بأمراض القلب وسرطان القولون.
ولا يتناولون اللحوم إلا مرة واحدة في الأسبوع على الأكثر، ويعتمدون في غذائهم على الأسماك التي تمدهم بزيوت الأوميغا 3 المضادة للالتهابات والمهمة لصحة القلب والمخ، ويتناولون أيضاً البقوليات مثل الفول والعدس والمكسرات وكلها تحتوي أيضاً على نسبة عالية من الألياف والمعادن الهامة للجسم.
ويتبع أهل هذه المناطق قاعدة الـ80% عند تناول الطعام أي أنهم لا يصلون إلى درجة الشبع التام بنسبة 100% لكنهم يكتفون بالشبع الجزئي، كما أنهم يتبعون بطبيعة حياتهم ما يعرف بالصيام المتقطع لفترات متكررة في العام أو لأيام محددة خلال كل أسبوع.
ويعتبر النشاط البدني من طبيعة حياتهم اليومي إما في الزراعة أو تربية الحيوانات أو المشي أو الحاجة إلى الصعود إلى المرتفعات والنزول منها، والتي تتميز بها تلك المناطق، ومن الثابت في البحوث العلمية أن ممارسة الرياضة تقلل معدل الإصابة بأمراض القلب، وكذلك الإصابة بالسرطان مع تحسن في الصحة بصفة عامة، وكذلك خفض معدل الوفاة.
وبدراسة طبيعة النوم في تلك المناطق خلصت الدراسة إلى أنهم لا يعملون أثناء الليل وينامون مبكراً، ويميلون إلى أخذ قيلولة قصيرة لا تزيد على 30 دقيقة، وقد بينت الأبحاث أن اعتلال النوم يرتبط بظهور أمراض القلب واحتشاء المخ (جلطات المخ) وكذلك نقص العمر، ووجد أن 7 إلى 8 ساعات نوم في الليل هي المعدل المثالي، وأن أقل من ذلك أو أكثر تصحبه زيادة في الإصابة بالأمراض السالفة الذكر.
ويتميز أهل تلك المناطق بطبيعة روحية عالية يعلوها التسامح والنزعة الدينية التي تساهم بشكل مباشر بتقليل التوتر وتدعم الروابط الاجتماعية وتقلل العزلة واحتمال الإصابة بالاكتئاب، وهذه السمات تقلل من الأسباب التي تعرض الشخص للوفاة، وتتميز أيضاً تلك المجتمعات بالأسرة الممتدة التي يعيش فيها الأبناء والأجداد في البيت نفسه الذي تسري فيها الرعاية بانسيابية وتلقائية من الصغير إلى الكبير وبالعكس.
والخلاصة تكمن في النصيحة بالاعتماد على تناول الخضراوات في جميع الوجبات والإقلال من اللحوم إلى مرة أسبوعياً، وتناول الأسماك وزيت الزيتون والبقوليات والمكسرات وممارسة الرياضة يومياً بقدر المستطاع، والنوم المبكر مع أخذ الكفاية من النوم، وتقوية الروابط الاجتماعية داخل الأسرة وخارجها والتمتع بروح التسامح والرابط الوجداني مع الخالق.