بعد ساعات فقط من انتهاء زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف لطهران، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأول، اتصالاً بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، في مؤشر إلى أن زيارة باتروشيف لم تحقق، حسبما يبدو، أهدافها، في وقت تتصاعد الضغوط على إيران، مع تواصل الاحتجاجات الداخلية، وهو ما بات يهدد بأزمة حقيقية بين طهران والدول الأوروبية التي أمّنت لها غطاء في أصعب الظروف بما في ذلك خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكشف مصدر في مكتب رئيسي، لـ «الجريدة»، أن اتصال بوتين كان يتمحور حول ضرورة أن تسرّع طهران تسليم موسكو صواريخ وطائرات وزوارق مسيّرة في ضوء الأوضاع الميدانية التي تشهدها المعركة في أوكرانيا بعد الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون الجنوبية، في ثاني أكبر تراجع للقوات الروسية منذ بدء الحرب في فبراير المنصرم.

وحسب المصدر، فإن رئيسي أبلغ بوتين أن الضغوط الدولية الكبيرة التي مورست على طهران منذ الكشف عن مشاركة مسيّراتها في قصف مدن أوكرانية، تجعل تسليم هذه الأسلحة صعباً جداً.
Ad


وفي حال كانت هذه المعلومة صحيحة، ستكون تلك نهاية سريعة جداً للتورط الإيراني في حرب أوكرانيا، وقد تعيد حسابات الغرب في التعامل مع طهران بملفات أخرى، بينما يشهد الأسبوع المقبل مناقشة ملف إيران في مجلس حقوق الإنسان للمرة الأولى، كما سيبحث حكاّم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملفها النووي.

وأفاد المصدر بأن رئيسي اشتكى لبوتين تأخر تنفيذ اتفاق سابق بينهما على شراء إيران 150 مقاتلة حديثة من طراز سوخوي 35 (سو 35)، وأبلغه أن طهران تسلمت فقط 50 من هذه الطائرات، لكن المفاجأة كانت أن قطعاً أساسية وضرورية لإدخالها الخدمة كانت ناقصة.

وأضاف أن الرئيس الإيراني اشتكى كذلك رفض روسيا إطلاق يد إيران في سورية والسماح لها بالردّ، حسب تقديرها في الزمان والمكان، على الضربات الإسرائيلية المتواصلة على مواقعها، خصوصاً أن حكومة جديدة مقبلة في تل أبيب برئاسة بنيامين نتيناهو ستكون الأشد عدائية ضدها، مضيفاً أن طهران تدفع من دماء أبنائها ثمن استمرار التنسيق الأمني بين موسكو وتل أبيب.

وكان المسؤولون الإيرانيون أثاروا هذه النقطة مع باتروشيف الذي رد بأن الملف في يد بوتين.

وحسب المصدر، كانت إجابات بوتين مجرد محاولات للتهرب، ولم تقنع طهران، فقد عزا نقصان قطع من مقاتلات «سو 35» إلى العقوبات الغربية المفروضة على بلاده بسبب الحرب في أوكرانيا، كما قال إن العقبة الرئيسية دون إطلاق يد طهران في سورية ليست موسكو بل الرئيس السوري بشار الأسد الذي لا يرغب أن تنخرط سورية في حربين في آن واحد، خصوصاً أن فتح الجبهة مع إسرائيل قد يعني أن بؤر تمرد نائمة قد تستيقظ ويعود الوضع الميداني إلى نقطة الصفر.

ولفت المصدر إلى أن بوتين أبلغ نظيره الإيراني أنه في حال فشل المساعي الحالية للتوصل إلى تسوية للأزمة في أوكرانيا، فإن روسيا ستكون أمام ضرورة الذهاب إلى خيار حسم عسكري شامل مع كل ما يعنيه ذلك من متطلبات عسكرية، مشدداً على أن بلاده لم تستخدم سوى 10 في المئة من ذخائرها، إلا أن السلاح الروسي الصاروخي الثقيل لا يناسب حرب المدن، بسبب تكلفته العالية وقدرته التدميرية الكبيرة.

وحسب المصدر، أشار بوتين إلى أنه يمانع مضاعفة إيران عدد خبرائها الموجودين فعلياً إلى جانب القوات الروسية على جبهات القتال. وحسب بعض المصادر فإن 1500 مستشار عسكري إيراني تابعين للحرس الثوري موجودون حالياً في جزيرة القرم وبعض المناطق الأخرى المتاخمة للحدود الأوكرانية. ومن ضمن ما عرضه بوتين على نظيره الإيراني، حسبما علمت «الجريدة»، تزويد موسكو لطهران بشكل عاجل بالكميات النقدية التي تحتاجها العملة الصعبة والذهب لإعادة الاستقرار إلى الأسواق الإيرانية، على شكل ديون طويلة الأمد أو استثمارات أو حتى ثمن لشراء بضائع وأسلحة إيرانية.

وفي ملف آخر، طمأن بوتين رئيسي إلى أنه حصل على ضمانات جدية من الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، بعدم القيام بأي عمليات عسكرية في أرمينيا تؤثر على وضع الحدود الإيرانية ـ الأرمنية، وأن باكو مستعدة لتوطيد التعاون مع إيران وروسيا لتسريع وتوسيع العمل بخط الشمال - الجنوب، وحذره من تقارير موجهة استخبارياً بهدف زرع فتنة بين إيران وأذربيجان.